عن حزب التحالف المدني (2-2)

يتوفر جميل النمري على تجربة حزبية ونقابية وسياسية ثمينة طويلة وعميقة، هي ضمانة أولى، ليظل حزب التحالف المدني الذي يتبنى «الديمقراطية الاجتماعية» على المسار الاقتصادي الاجتماعي التقدمي، الذي يعتمد نسخة «اقتصاد السوق الاجتماعي»، برنامج الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية في أوروبا وأحزاب اليسار الديمقراطي في العالم، المطلوب تكييفها و»اردنتها» لتناسب مجتمعنا، الى ان تترسخ فيه التحوطات القمينة بتحقيق «العدالة والسلامة الاقتصادية» كالحاكمية المالية الرشيدة والشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد!

لا اقصد هنا أن أُعرَّف بجميل القائد السياسي المرن الذي يمثل جيلا من الوطنيين الديمقراطيين التقدميين، فقد عرّف به نضاله من اجل الحريات العامة والاردن الوطني الديمقراطي الذي يمتد منذ اكثر من 45 عاما. كما عرّفت به كتاباتُه الصحافية التحليلية الإيجابية، المنحازةُ للحق والخير والجمال والمستقبل والمواطن. وأفصح عنه اداؤه الفائقُ التميز في مجلس النواب.
وقد لفتني بقوة انه ذهب الى اقصى المرونة «الاكستريم» -وهذا ليس من طبعه- فانخرط بكامل حزبه في التجربة الجديدة، التي تتراوح بين المبادرة والمغامرة والتحالف البنيوي مع البرجوازية الوطنية الاصلاحية.
ولفتني غياب او تغييب المهندس خالد رمضان عن هذه التجربة التي كانت بذرتها الأولى في خيمة «معا» واسفرت عن فوزه وفوز قيس زيادين في انتخابات مجلس النواب الحالي.
فخالد رمضان يمثل هو الاخر جيلا من الفاعلين التقدميين ويتوفر على تجربة حزبية ونقابية وسياسية ثمينة طويلة وعميقة. وله صلابته الضرورية في ظروف الميوعة والشتات والاضطراب السياسي الراهن. ولخالد رمضان سقفه المرتفع الذي لعله احد الأسباب التي حالت دون استمرار انسجامه مع شريكه في «خيمة الدولة المدنية» قيس الزيادين.
النائب قيس الزيادين في حساباتي هو احد تعبيرات القوى الاجتماعية الأردنية الشابة الجديدة وأحد ممثليها الواضحين. وحينما زارني في منزلي يشاورني في الترشح للانتخابات النيابية، قلت له ان تراث الجد يعقوب زيادين الواسع البارز، سيظل سارية تشدك الى قلب شعبك وان لنا في حيويتك امالا لن تخيب.
ومن باب عدم رفع سقف التوقعات ومنسوب الحماسة التي يصفه بعض منتسبيه ب»الحزب المُخلِّص»، فانني اخشى ان بنية هذا الحزب النخبوية «المدينية» لا النخبوية و»الجماهيرية الشعبية»، رغم انها مفتوحة حسب الاعلان، ستحد من قدرته على تشكيل قوى ضغط وتأثير ممتدة نافذة. لأن الوسط وليس يسار الوسط، هو الذي يمكن ان يحدث فَرْقا، هذا بعد استكمال تنظيم صفوفه من جديد في هيئة تيار مؤثر. والانتخابات هي الفيصل كما يقول جميل.
انني احترم وأؤيد اعلان القادة المؤسسين عن عزوفهم الحقيقي عن تولي المناصب القيادية وعن التعويل على حيوية الشباب ومبادراتهم، وهو عنوان مهم من عناوين هذا الحزب وعنصر جذب ضروري سيظل بحاجة الى استشارية المجربين لا الى قيادتهم. وبأمانة فإنني اعتقد ان الجيل الجديد يعرف اكثر منا كيف يتفاعل مع العصر والحياة وتحدياتها. فلكل زمان دولةٌ ورجال. والخلق أبناء زمانهم لا زمان من سبقهم ولا زمان غيرهم.
وكي لا اقع في شبهة «الوعظ من الخارج» وهو سهل جدا، فانني احدد حاجاتنا الوطنية، وليس خط سير الحزب الجديد، المتمثلة في المساهمة ببناء تجمع قوى واحزاب ومنظمات الدولة المدنية في تيار حداثي تقدمي يمد كلتا يديه الى كل مؤسسات الدولة الرسمية والحزبية والأهلية. وآمل ان نكون قد تجاوزنا صراع العرموطي - رمضان الانتخابي، بحثا عن قواسم مشتركة تتمثل في اهم بند هو بند مكافحة الفساد.
نخرج من بهجة الاحتفال الى ورشة الاعمال واملا ان لا نقع فيما اعتدنا عليه وهو تحويل النوايا والأفكار والمبادرات والفرص الجميلة، كفرصة بناء حزب التحالف المدني، الى مواد مكتوبة وركنها على اعلى الرفوف.