عن كُرد سوريا الذين.. لا يتّعِظون!

 وصل كرد سوريا.. الذين تقنّعوا بتسميات مُضلِّلة وروّجوا لخطاب مُزيّف, منذ ان حملوا السلاح في وجه الحكومة السورية واجروا اتصالات بعواصم اقليمية ودولية لإعادة إنتاج «مظلمِتهم» العِرقِية المبالغ فيها.. جدا، وصلوا الى طريق مسدود, بعد ان نفذّت انقرة تهديداتها باجتياح مدينة عفرين العربية السورية, تحت ذرائع وادعاءات مزعومة بانها لمحاربة تنظيمات ارهابية، مدّعية ان لا اطماع لها في اي شبر من الاراضي السورية, ليتضِح لاحقا وبعد اربع وعشرين ساعة من بدء غزواتها الثانية التي حملت اسم غصن الزيتون (بعد الغزوة الاولى المُسمّاة درع الفرات) انها تريد اقامة «منطقة أمنِيَّة» عازلة بعمق 30كيلومترا داخل الاراضي السورية, ليلاقيها الجانب الاميركي (حليف كرد سوريا) وعلى لسان وزير الخارجية تيلرسون بـ»استعداد» واشنطن للبحث مع انقرة وبعض «القوى على الارض» في كيفية ارساء «المنطقة الآمنة», في الوقت ذاته الذي نقلت فيه وسائل اعلام اميركية عن رئيس الدبلوماسية الاميركية :سعي بلاده الى تحقيق الاستقرار و»الإستجابة» لمخاوِف تركيا الامنِيّة «المشروعة». ليس ثمة غموض في المشهد الراهن على الحدود السورية التركيّة، اللهم سوى تلك الصفقات والتفاهمات التي تمت في الخفاء بين عواصم اقليمية ودولية, والتي مَنَحتْ - ضمن امور اخرى - الضوء الأخضر لأنقرة كي تزجّ بقواتها البرية والجوية في حرب, تقول: انها ستكون قصيرة (بعد ان دفعت امام جحافِلِها مرتزَقة ما يُسمّى «الجيش الحر» كي يكونوا وقودا مجانياً للمواجهات الاولى مع مرتزقة قوات سوريا الديمقراطية, الذين وقعوا الآن في شرِّ اعمالهم، بعد ان وَثِقوا بالحليف الاميركي, وظنوا انه بمجرد ان طرَح(الأميركي) «فكرة» تشكيل جيش من عناصر كردية وعشائرية عربية, للعمل في «حرس حدود» المنوي تشكيله، انما يعني ما يقول، وانهم (الاميركيون) لن يتخلّوا عن مرتزقتهم من قوات «قسد» وانهم قد اداروا ظهورهم نهائيا او اقتربوا ان تلك الدرجة, ما يعني ان «دولة» شرق الفرات بزعامة كردِية قد باتت في متناول اليد، وان فدرالية «روج آفا» يمكنها الانتظار, بعد ان ازدادت المساحات الجغرافية التي سيطروا عليها وباتوا -في اوهامهم - رقما صعبا في المعادلة السورية الجديدة, على نحو لا يُسمح لِأحد بتجاوزهم او استبعادهم عن طاولة الحوار او الحل النهائي للازمة السورية.. تبدد ذلك كلّه.. الان, وما كان قائما قبل بدء عدوان «غصن الزيتون» التركي، ليس ما سيكون بعد هذا التاريخ‘ سواء تواصَل الاجتياح التركي, ام توقف عند نقطة معينة وتراجَع الغزاة الاتراك عن عفرين (ان استطاعوا السيطرة عليها في شكل كامل) ليسلموها الى مرتزقتهم في «الحكومة المؤقّتَة» المزعومة كما فعلوا (إعلاميا على الاقل) عندما دخلوا مدينة ادلب كدولة ضامنة، ام نجحَت موسكو في إقناع انقرة بالتخلّي عن دورها في محافظة ادلب «والمدينة ايضا», كي يواصِل الجيش العربي السوري, تقدّمَه السريع والناجح في ارياف حلف الجنوبية وحماة وادلب, بعد تحريره مطار ابو الظهور العسكري, وبات قريباً من مدينة ادلب, كي يعيد المحافظة الى كنف الدولة السورية ويطهِّرَها من رجس الجماعات الارهابية, التي لم يصطدم بها الجيش التركي ولو مرة واحدة, ما عكس حجم التفاهم (اقرأ التحالف) بينهما وتشاطرهما الاهداف نفسها نا «يكتشف» كرد سوريا انهم اقاموا خرائطهم وخطابهم السياسي على اوهام وخزعبلات اخترعوها, او تم تسويقها عليهم أميركياً كي توظِفهم واشنطن في مخططها الجديد/ القديم, الرامي الى عرقلة التسوية السياسية للازمة السورية. التصاقا بهدفها الذي لم تتراجع عنه, رغم كل الهزائم التي لحِقت بالمرتزقة والدمى الذين راهنت عليهم, سواء كانوا من الدواعش وبعض الفصائل الإسلاموية (الاخوانية النشأة والمرجعية والخطاب) ام في المرحلة الاخيرة «كرد سوريا» والأكذوبة المسماة «قوات سوريا الديقراطية».. لإسقاط الدولة السورية وتقسيم سوريا. اذا ما «فَقَدَ» كرد سوريا مدينة عفرين, واصبحت «منبج» الهدف التالي للغزو التركي, او تواصَل الإجتياح الراهن باقتحامها(منبج)، فانهم (الكرد) بذلك يوصلون انفسهم ومشروعهم الإنفصالي الى حافة الهاوية، ولن تهرع واشنطن الى نجدتهم او الحؤول دون انهيارهم, وبخاصة اذا ما نجح الأميركان في استمالة انقرة الى جانبهم, مقابل تراجعِها - او تخلّيها - عن التشاور والتنسيق مع موسكو وطهران - وإن كانت علاقاتها مع الاخيرة متوترة نسبيا بعد غزوة عفرين. قِصر النظر السياسي لدى كرد سوريا, وسذاجتهم المُفرِطة في «قبْضِ» اكاذيب واشنطن والتعاطي معها على توهّم انهم باتوا في «شراكة» معها، يكشف مدى السطحية وانعدام قدرة وخيال قادتهم, على استخلاص دروس وعِبَر «تاريخ» الخذلان الاميركي للحلفاء, سواء كانوا دولاً وزعماء (اقرأ عملاء), ام جاؤوا من منظمات وتنظيمات واحزاب وفصائل وحركات كانت ترطن ب»لغة» الثورات وخطاب اليسار, او تُبدي استعدادا لنقل البندقية من كتف الى آخر، لا تلبث (واشنطن) ان تتنكر لها ولهم, وتبادِر الى خذلانهم وبيعهم عند اول مفترق يحقق مصالحها الأنانية وخصوصا عندما تنتهي المهمة (القذرة دائما) التي انتدَبتهم لها، والامثلة اكثر من ان تحصى لعل آخرها ما حدث لأبناء جِلدتِهم في اقليم كردستان العراق, بعد استفتاء 25 أيلول الماضي