بنْس .. على من يضحك؟!

 كأن مايك بنس يتشاطر علينا عندما يقول: «إن حدود القدس خاضعة للمفاوضات المستقبلية» وذلك في حين أنه هو الذي أعدَّ تصريح معلمه دونالد ترمب، المشؤوم والمرفوض، الذي أعطى فيه ما لايملك لمن لا يستحق ومنح المدينة العربية المقدسة كلها المحتل منها في عام 1948 والمحتل منها في عام 1967 لتكون عاصمة أبدية لإسرائيل التي يرفضها ويرفض وجودها الوجدان العربي والتي هي ستزول بالتأكيد ذات يوم قريب كما زال الفرنجة «الصليبيون» وكما زال الغزاة كلهم من الوطن العربي الكبير سواءً أكانوا مغولاً أم بريطانيين أم فرنسيين أم اسبان.. أو حتى «صفويون» وكما سيزول الإيرانيون والأمريكيون والأتراك أيضاً وكل الشراذم المذهبية التي فتح لها أبواب سوريا العظيمة هذا النظام البائس الذي أصبح بمثابة ببغاء في قفص!! أنا «لا أضرب بالمندل» ولكنني لست أعتقد وفقط بل متأكد من أن مصطلح ترك حدود القدس للمفاوضات المستقبلية المقصود به إلحاق منطقة المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة وربما كنيسة القيامة أيضاً بقرية (أبوديس) وبــ (العيزرية) ومعهما سلوان والطور وبحيث يبقى اسم القدس للإسرائيليين وفقاً لوعد ترمب المشؤوم وهذه من المفترض أنها مسألة مرفوضة قطعياً ودونها جز الحلاقيم كما يقال . إن القدس التي نعنيها كفلسطينيين وعرب ومسلمين ومسيحيين هي القدس القديمة التي تضم المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة وحائط البراق وكنيسة القيامة ومسجد عمر والقبر المقدس وهذه هي التي نصفها بأنها القدس الشرقية التي لابد من أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة وعلى حدود يونيو (حزيران) عام 1967 وكل هذا بينما إضطرنا هذا الزمن الرديء على الإعتراف بما يسمى القدس الغربية عاصمة للدولة الإسرائيلية المحتلة.. أي أنه لا تنازل عن اسم القدس الشريف وعلى خطوط وقف إطلاق النار عام 1948 والقبول بأن تكون هناك قدس أخرى هي التي تم احتلالها في هذا التاريخ الآنف الذكر المشار إليه والتي تكرست مع الوقت تحت مسمى القدس الغربية. كان علينا في الأردن، المملكة الأردنية الهاشمية، أن لا نرفض استقبال نائب الرئيس دونالد ترمب كما رفض استقباله اشقاؤنا الفلسطينيون ومعهم الحق كله لأننا أردنا أن نعرف جديد الإدارة الأميركية في هذا الشأن لكن إذا كان كل ما جاء به مايك بنس هو هذا «الضحك على الذقون» والقول إن حدود القدس التي أهداها رئيسه كعاصمة أبدية موحدة لاسرائيل : «خاضعة للمفاوضات المستقبلية فإنه مرفوض ولا يمكن القبول به» وليحصل ما يحصل لأن الموت بشرف وكبرياء أفضل من عيش الذل والهوان والإهانة!! ربما بنس هذا الأكثر صهيونية وتطرفاً من ترمب ونتنياهو لم يقرأ تاريخ بلادنا جيداً ولا يعرف أن هذه الدولة الصهيونية، وليس اليهودية، المصطنعة التي كانت مشروعاً استعمارياً ولا تزال وستبقى سيكون مصيرها كمصير كل الغزاة الذين دنسوا هذه البلاد المقدسة بأقدامهم وبأنفاسهم وهنا بالذات فإنه على نائب الرئيس الأميركي أن يراجع الدفاتر العتيقة لعائلته وهذا إذا كانت من أصول أوروبية ليتأكد من أن مصير هؤلاء الصهاينة،وليس اليهود، سيكون كمصير أجداده الفرنجة الذين خرجوا من فلسطين ومن بلادنا كلها بعد نحو قرنين من السنوات هروباً وهرولة ولا يلوون على شيء. ثم وهذا يجب أن يعرفه ويدركه مايك بنس أنه إذا كان هو ومعه من هُمْ على شاكلته من الصهاينة الأميركيين يعتقدون أن ما يقوله كبيرهم، الذي علمهم السحر والتطاول على حقوق الشعوب الأخرى ومن بينها الشعب الفلسطيني تحديداً والأمة العربية بصورة عامة، سيكون وكأنه منزل من السماء فإنه مخطئ جداً وأن حساباته مشوشة ورديئة إذ أنه كانت هناك قبل قرن كامل من الأعوام بريطانيا العظمى التي استفردت بالعالم كله لسنوات طويلة وها هي الآن تنكمش في جزيرتها ومهددة بالتقسيم والتشظي.. ويقيناً أن هذا سيكون مصير الولايات المتحدة مادام أن رئيسها هو هذا الرئيس الأبله والأهوج وما دام أنها بدأت تفقد كونها القطب الواحد والأوحد لحساب أقطاب متعددة جديدة.. الآن هناك القطب الصيني الصاعد وهناك القطب الروسي وربما يكون هناك وقريباً القطب الألماني والقطب الهندي.. والله في خلقه شؤون