يوم لا ينفع النّدم...!

هي فترة ما يسمى بالربيع العربي؛ بدأت من المغرب العربي وتحديداً من تونس الخضراء والتي لا زالت تعاني من انعدام الأمن واستبدلت حكاماً مستبدين بآخرين ألبستهم أثواباً أنيقة ذات ألوان زاهية أخفت تحتها خرائط ومخططات لوجهٍ استعماريٍّ جديد ربما كان مع التونسيّين الحق في ذلك لما كانوا يعانون منه من ظلم وفقر وبطالة، ولم يكونوا يعلمون ما ستؤول إليه الأمور في هذا الجزء الحبيب من وطننا العربي الكبير لأنها التجربة الأولى .

 

وسارت رياح التغيير لتمر في أم الدنيا مصر (لا أحد أحسن من احد)، وجميعنا بالهم واحد وهم أيضا يعانون ما عاناه أشقاؤهم التونسيون، ولا ننكر أنّ الحكم هناك كان دكتاتورياً بامتياز، وتم استبدال الحكم الدكتاتوري بحكم عسكري لا يعلم إلا الله ما سينتج عنه، وربما ظهرت بعض بوادر هذا المخطط تلوح في الأفق، واستبدلت المستبدّين بآخرين اخفوا استبدادهم ومخططاتهم خلف (البزّات) العسكرية التي ارتدونها، ولك الله يا مصر فنحن لانعلم ما تكون النهاية .

 

وعادت ريا ح التغيير إلى المغرب العربي، واستقرت فيه وأصبحت أكثر دمويه وقسمت ليبيا إلى قسمين متناحرين وأزهقت الأرواح، ولا يزال إخوتنا الليبيّون ينتظرون الفرج مابين مستبد بالحكم وآخر يطلب الكرسي، والدماء تسيل والمخطط مستمر، ثم غادرت هذه الرياح ورائحة الدم تفوح منها إلى اليمن السعيد، وتصلّبت الآراء مابين متمسّكٍ بالكرسي ومصرٍّ على الاستئثار بها، وتلونت شوارع صنعاء وتعز وعدن وحضرموت بالدماء ولا زلنا ننتظر النهاية ولا ندري ما سيكون.

وهبت الرياح وزارت جيراننا أهل حوران، وخيّمت في سماء سوريا، وقتل من قتل ومثل بمن مثل فيه ولا زالت الدماء العربية تسيل والكل يقول أنّ الشعوب تريد الحرية، ونحن معهم لقد بدأت من تونس ولكن الغرب لم يتوقع ماحدث، ولكن لملم أوراقه بسرعة وركب الموجه ووجهها حسب مايريد .

 

من هنا...؛ نقولها دون خوفٍ أو وجل، ما حدث في البلاد العربية وما يحدث وما سيحدث هو أولاً وأخيراً يسير حسب الرغبة الأمريكية التي استطاعت وبسرعة فائقة ركوب هذه الموجات المتتالية التي عصفت بأمتنا .

 

هذه مقدمه فقط عما سأتحدث عنه بالنسبة لنا كأردنيين منذ أن بدأت هذه الرياح، والتي ركبها عدد لا يستهان به من أبناء هذا البلد الطيب عن حسن نيّة، وطالبوا بالإصلاح وهو مطلب مشروع لكل أردني، كما وطالبو بالقضاء على الفساد وهو كذلك من المطالب المشروعة، وهنا جاء جلالة الملك عبد الله الثاني وقالها واضحة أنه مع الإصلاح ومع محاربة الفساد ومع العدالة الاجتماعية، وقام بإقالة رئيس الوزراء سمير الرفاعي، فليس كما يروّج البعض انه جاء نتيجة لضغط الشارع، ولكن لان جلالته لديه بعد نظر ويرى ما لم يراه عامة الشعب من مخطط يهدف إلى تغيير خارطة المنطقة من خلال ركوب رياح التغيير، ولعل الأردن من أكثر البلدان التي ستتأثر بهذا المخطط الغربي الصهيوني، لذلك سارع جلالته إلى تبني الإصلاح وهو أول من نادى به، إلا أن بعض مواطنينا ولهذه اللحظة لا يُدركون ما يحاك ضدنا .

 

نحن نختلف تماما عن جميع الدول المحيطة بنا، فقد حبانا الله بقيادة واعية لم ولن ترهب شعبها في يوم من الأيام ومنذ عام 1921 م عندما جاء الأمير عبدالله بن الحسين إلى الآن، وهي قياده متسامحة حتى مع من كان يخطط لقلب نظام الحكم.

 

ما أقوله هنا...؛ نحن لسنا تونس ولا مصر ولا اليمن ولا سوريا، نحن لنا خصوصيتنا وقيادتنا الهاشميه، وإذا ما حدث لا سمح الله ما يحدث عند أشقائنا فستكون العواقب وخيمة، والمطلوب من كل أردني منتمي لبلده وأمته أن يفكر ويعدد للعشرة قبل أن يقوم بإثارة فتنه أو ارتكاب خطأ، وما دام الإصلاح مستمرا والقيادة تتابع ذلك بحرص شديد؛ فاتقوا الله في الأردن وحافظوا على الأمن والأمان الذي نحسد عليه.

هذه دعوة موجهة لكل الأردنيين...، فلا تقعون في الخطأ وتندمون يوم لا ينفع النّدم .