الحوار للحمار بديلا عن المواجهة

 


 


 

حقا لقد شهد الأردن نقلة نوعية في حرية التعبير والجرأة في المطالب التي وصل إليها  المشهد العام ،الأمر الذي يشكل نقلة في المشهدين السياسي والاجتماعي  ، كما قيّمت ذلك السفيرة الفرنسية في عمان كورين بروزيه ، وهو عملية تقييم ايجابية تمثل الشق الأول من العقد الاجتماعي  واحد طرفي المعادلة الديمقراطية الإصلاحية .
وأما الطرف المقابل من المعادلة فهو يمثل رأس السلطات الثلاث متجسدا بجلالة الملك ومن يدور في فلكه إداريا واجتماعيا وأهمها السلطة التنفيذية متمثلا بالحكومة واذرعها ، حيث يقابل مشهد الحرية في التعبير والجرأة في المطالب مشهد الأريحية في قبول النقد وتقبله بل والتفاعل معه ، مهما بلغت ضالة من يمثله أو من يقود حراكه ، وهو انحياز إلى منطق الحوار كبديل عن المواجهة ، الأمر الذي خلق حالة الاستقرار والأمن التي ظللت المشهد الأردني وعادت بالنفع على الجميع ، لان الصدام والدماء لا تأتي إلا بالشر ، بعكس ما أنتجه المشهد العنفوي الدموي الذي تشهده أقطار عربية قريبة منّا !
ومهما بلغت  الحالة الأردنية من ميزة عن الصورة المنتشرة في الوطن العربي إلا أننا نحتاج حقا إلى التطوير والإصلاح والتحديث لمواكبة القفزات النوعية التي يخطوها المجتمع الدولي  والعالم المتحضر في تعامله ومراعاته لحقوق الإنسان وحقوق الفرد والمجتمع .
وبالرغم من تجاوز العديد من القوى المحلية  ومساسها واقتحامها للخصوصية وتجاوز بعضها لحدود النقد البناء والدعوات إلى الإصلاح إلا أن توسيع مساحة الحرية ورحابة الصدر على المستوى الفردي جعل الأمور تمر بسلاسة اكبر ومنحت الديمقراطية الطريق المعبد للتطور تلقائيا وعفويا حتى لا تصبح مساحات التعبير عائقا ومجالا للتجاذب والاحتقان  .
بالتأكيد صورة الحمار التي ظهرت في الطفيلة ليست شاذة عن الفعل الديمقراطي رغم عدم تعودنا عليها ، وقد سبق أن ظهرت الصورة في الرمثا وظهرت زمن حكومة مضر بدران وهو من المع الرؤساء وأحنكهم ، إلا أن الشعب الأردني لم يتعود على هكذا سقف من التعبير  .
لقد حاول البعض إقناع البخيت بتحويل الجهات – وهي ربما تمثل أفرادا فقط - التي أظهرت الرئيس بالصورة المنتشرة لكنه رفض الفكرة دون تردد ، وهو بهذا ينحاز إلى إفراد مساحات أوسع للحوار وطريقه مهما بلغ النقد ذروته كبديل للصدام والمواجهة.
وبالمناسبة ظهرت صورة الحمار في الصحافة الكاريكاتيرية الأمريكية خلال الانتخابات الأخيرة تمتطيه امرأة بفستان زاه أصفر (هيلاري كلينتون ) وخلفها شاب أسمر (أوباما) وقد أخذ كل منهما يقدم للحمار جزرة مربوطة في طرف عصا طويلة. .! وكانت هي التعبير الانتخابي عن إستراتيجية الحزب الديمقراطي التي تقوم على" الترغيب والترهيب
"...