(الاخوان) وسياسة التصعيد



لم يعد خافيا على احد ان هناك تحولا كبيرا في موقف جماعة الاخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب جبهة العمل الاسلامي من مجمل القضايا الداخلية والمطالب الشعبية, تحاول خلاله تمييز نفسها عن بقية القوى التقليدية والجديدة في الشارع, لا بل هناك شعور من النخب السياسية والحزبية بان "الاخوان" ذاهبون باتجاه التأزيم والتصعيد مع النظام عبر لغة وبرامج مثيرة تخطب ود الراي العام.

فهل نحن امام نقطة تحول تاريخي , ينقلب فيه "الاخوان" على سياسة "الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" وسياسة "التبليغ" والاتجاه الى سياسة جديدة عنوانها الشدة والصدام لفرض ايقاعهم وخطابهم على الحراك الدائر في المجتمع وقطف الثمار بعيدا عن رفاق الامس ام ان "الجماعة" قطعت شوطا في بعدها عن النظام السياسي كحليف استراتيجي?

ويسود الانطباع العام لدى الاردنيين بان موقف "الاخوان" التصعيدي مرتبط باجندة الحركات "الاخوانية" العربية وبالتحديد في مصر , ووصول قيادة التنظيم الدولي الى قناعة بان الفرصة في الشوارع العربية مؤاتية اليوم للضغط على الانظمة في مرحلة"ضعفها" لتحصيل اكبر كمية ممكنة من المكاسب السياسية والاجتماعية وتحويلها الى رصيد في صناديق الاقتراع ينقلها الى من مرحلة المعارضة الى شراكة في الحكم.

و"الاخوان" لم يتركوا مواقعهم داخل لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة التي يتشاركون فيها مع القوى اليسارية والقومية ولم يصل الامر الى حد القطيعة الا في اتجاه علاقة "الاخوان" مع حزب البعث التقدمي على خلفية الموقف من الاحداث الجارية في سوريا, والتي وصلت الى اشدها في موقف "الاخوان" المتصاعد من النظام السوري وردة فعل حزب البعث التقدمي وموقفه من "الاخوان المسلمين" الذي وصل الى حد الشتائم في مهرجان نصرة سوريا الذي اقامه حزب البعث , السبت الماضي, وقد توقف حزب جبهة العمل الاسلامي عن حضور اجتماعات لجنة التنسيق الحزبي بعدما اصبحت الرئاسة الدورية بيد الخصم الجديد"البعث التقدمي".

وفي نفس الوقت بدأ "الاخوان" بدفع قوى جديدة في المعركة مع النظام من القوى الشبابية الى العشائر الى القوى النسائية والنقابية في محاولة لتوسيع دائرة الضغط الشعبي على الحكومة مع تخفيف الضغط وتقليل المخاطر على قيادة"الجماعة", وكل هذا ياتي ضمن برنامج قديم جديد مطروح منذ اخر ثلاث حكومات ومجالس نواب, ويتمحور حول "اسقاط الحكومات وحل المجالس النيابية وإجراء انتخابات مبكرة".

وقد قطع "الاخوان" شوطا في كسب عداوة النظام بعد انحيازهم الكامل لـ "غزوة الزرقاء" التي قام بها ابناء التيار السلفي"الجهادي" والتي اثارت في حينها مخاوف كبيرة بين مؤسسات المجتمع المدني.

مطالب الديمقراطية وتوسيع المشاركة والشفافية ودولة المؤسسات ومحاربة الفساد كلها شعارت محقة , لكن التغيير مصلحة عامة لا تنفرد بها جهة وتقف حدوده عند امن واستقرار البلد.


nghishano@yahoo.com