الفتنة ملعونة وملعون صاحبها يا أبا فارس .. د. عبدالناصر الزيود
الدكتور عبالناصر محمد جابر الزيود
جامعة العلوم الاسلامية العالمية / كلية الشيخ نوح للشريعة والقانون
الحمد لله ثم الحمد لله ،الحَمْدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وأشهدُ أنَّ سيدَنَا محمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ وصفيُّهُ وخليلُهُ. اللهم من أراد بنا وببلدنا خيرا فوفقه لكل خير ،ومن أراد بنا وببلدنا شرا فخذه اخذ عزيز مقتدر واجعل كيده في نحره وتدميره في تدبيره.
في الحقيقة انني عندما اطلعت على فتوى المدعو بالدكتور محمد أبو فارس والتي جاء فيها : أن من يسقط في التظاهرات أو الإعتصامات يعتبر شهيداً. فكرت وتأملت في الأمور التالية :
كيف من الممكن أن تصدر مثل هذه الفتاوى من رجل الأصل فيه انه يحمل العلم الشرعي، والأصل فيه أيضا انه يتوجب عليه أن يكون على حذر وانتباه في كل ما يصدر منه من فتاوى تنشر على مسامع العوام.
ثم هل يقبل الحزب الذي ينتمي إليه المدعو أبو فارس وهو ما يسمى بجبهة العمل الإسلامي بمثل هذه الفتاوى خاصة إذا علمنا أن لهذا الحزب هيئة علماء تتحمل مسؤولية الإفتاء .
فوالله انني أقول والله اعلم ان هذا المدعو بابو فارس قد اختلط باخره وأصابه ما أصابه أو انه يتعمد هو وحزبه القيام ببث الفتنة بين أبناء الشعب الأردني وتحريض الناس بعضهم على بعض وإنني لا استبعد ذلك عن أبو فارس وحزبه فإنني والله لم أحب هذا المدعو منذ بداية دراستي في مرحلة البكالوريوس وكنت أرى به ويرى الكثيرين معي ما أرى أن الحقد والعنصرية والفتنة تفوح من كل كلمة من كلماته منذ القديم وليس الان فقط وها هو ما زال على ما هو عليه لغاية الان ، ولتعلم يا هذا أن الشعب الأردني بكافة أصوله ومنابته قد كرهك أنت وحزبك فلتكفوا أيديكم وفتنتكم عن هذا الشعب ولتقوموا بمحاولة تنظيف وتطهير حزبكم وكوادركم مما فيه من فساد وسرقات وخيانات فيما بين بعضكم بعضا متسترين تحت اسم الدين والإسلام، والإسلام براء من الكثيرين منكم ومن أفعالكم .
ولا اصدق من قوله تعالى الذي ينطبق عليك وعلى أمثالك ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ) صدق الله العظيم. وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أساله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن.قلت: وما دخنه يا رسول الله؟ قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر. قلت: وهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها. قلت:يا رسول الله صفهم لنا؟ قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا،قلت:فماذا تأمرني أن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم.قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال:فاعتزل تلك الفرقة كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك . فأنت وحزبك يا هذا يا أصحاب الفتنة والفساد والعنصرية يا من تريدون أن تتلذذوا بفتنة أبناء الشعب الأردني الواحد من كافة أصوله ومنابته انتم الدعاة الذين تقفون على أبواب جهنم الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هم دعاة على أبواب جهنم والعياذ بالله فمن وافقهم وانتهج نهجهم وسار على دربهم كانوا سببا في إدخاله إلى جهنم. فمن أعظم الفتن التي نعاني منها في عصرنا الحاضر فتنةُ الشبهات واختلاط الأمور والتباس الحق بالباطل وكثرة الاختلافات وتنوع الانتماءات فكل طائفة تزعم أن الحق معها وان الصواب حليفها.
فلقد ظهر التلبيس والتظليل وبرزت الشبهات والتأويلات وظهر السفهاء،يقول صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ تعالى لا يَقبِضُ العِلمَ انتِزَاعًا يَنتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ،وَلَكِنْ يَقبِضُ العِلمَ بِقَبضِ العُلَمَاءِ، حتى إِذَا لم يُبقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأَفتَوا بِغَيرِ عِلمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا. فوالله إن هذا الحديث النبوي ينطبق انطباقا كاملا على زماننا هذا الذي نحن فيه ألان . وقال عنهم أيضاً صلى الله عليه وسلم دعاة على أبواب جهنم،من أجابهم قذفوه فيها .أمثال هؤلاء غالوا في الدين وحملوا الإسلام ونصوص الكتاب والسنة ما لم تحمله. فعن ابن عباس رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلي الله علية وسلم غداة العقبة وهو علي ناقته إلتقط لي حصى ،فالتقطت له سبع حصيات هن حصى الحذف، فجعل ينفضهن في كفة ويقول :أمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين. والغلو في الدين أي التشدد آفة قديمة في جميع الأمم السابقة ،وقد كانت هذه الآفة الخطيرة سببا لهلاك الكثير من الأمم السابقة كما قال صلي الله عليه وسلم فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين .
فليتقى الله أقوام في هذا العصر يتجرءون علي الفتوى وتحريك جموع الناس لتحقيق مصالحهم الشخصية وأجنداتهم الخاصة ويحرضون الناس على إثارة الفتن والعبث بأمن العباد والبلاد تحت اسم وراية الإسلام والإصلاح وغير ذلك كثير مما يقومون به.
فمن الواجب أن تتذكر يا أبا فارس أنت وحزبك يوماً تكع فيه الرجال ،وتشهد فيه الجوارح والأوصال،ويحصل يومئذ ما في الصدور كما يبعثر ما في القبور،وهناك يعلم المخادعون أنهم لأنفسهم كانوا يخدعون، وبدينهم كانوا يلعبون. فانتم والله جهلاء بعتم دينكم بديناكم همكم وكل همكم مصالحكم الشخصية وعنصريتكم البغيضة وتحريض الجموع على بعضها بعضا وكأنكم تتلذذون بذلك، قل نظركم وقصر ،تخوضون في نوازلَ عامة وقضايا حاسمة ،تخبطون خَبْط عشواء، وتأتون بما يضاد الشريعة الغراء، وتقولون باسم الإسلام ما الإسلام منه براء. فإنَّ شَريعةَ الإسلامِ كُلَّهَا يُسْرٌ وَسَمَاحَةٌ فِي العباداتِ والمُعاملاتِ والتعامل مع الغير مهما كان هذا الغير ، فقدَ أمرَ رَسُولُ اللهِ بالتيسيرِ في كل شي، فقالَ رَسُولُ اللهِ :إِنَّ الدِّينَ يُسْر ،وَلَنْ يُشادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقارِبُوا وَأَبْشِروا.
فاحذروا يا أبناء الأردن من كافة أصولكم ومنابتكم كل الحذر على أنفسكم وأبنائكم من تأثير أمثال هؤلاء وأحزابهم فيكم فيكونون سببا في هلاككم وهلاك بلادكم وانتم لا تشعرون فهم كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاة لكنهم دعاة من نوع أخر هم دعاة على أبواب جهنم . فوالله ان للشريعة الإسلامية وللبلاد والعباد حرمةٌ عظيمة لا يجوز انتهاكها وحمى مصان لا يجوز التعدي عليه،ولها أحكام لا يجوز تغييرها ولا تبديلها ،وإن من التعدي على حرمة الشريعة وأحكامها نشرَ فتاوى شاذة وأقوالٍ ساقطة تهدم الإسلام وتثلم الدين وتعبث بأمن الناس واستقرارهم،وتثير البلبلة والفتنة،وتفتن ضعاف العقول والعلم والدين، وتظهر الحق في صورة الباطل ،والباطل في صورة الحق، ومن شر المصائب والبلاء تصدُّرُ أقوامٍ للإفتاء والتدريس والإمامة وقيادة جموع الناس وتعليم الناس أمور دينهم، علما أن أمثال هؤلاء بين أهل العلم منكر أو غريب ، ليس له في مقام الفتوى حظٌّ ولا نصيب، غرهم سؤال من لا علم عنده لهم ، ومسارعة أجهل منهم إليهم. يقول بعض السلف أشقى الناس من باع آخرته بدنياه، وأشقى منه من باع آخرته بدنيا غيره.
فابتعدوا بأنفسكم عن مواطن الفتن وإثارة البلبلة فالفتنة نائمة لعن الله من أيقظها. نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يحسن خاتمتنا في الأمور كلها، وأن يصلح نيَّاتنا وذرياتنا، ونسأل الله تعالى أن يسلمنا في ديننا وأنفسنا وأعمالنا وبلادنا. فاللهم من أراد بنا وببلدنا خيرا فوفقه لكل خير ، ومن أراد بنا وببلدنا شرا فخذه اخذ عزيز مقتدر واجعل كيده في نحره وتدميره في تدبيره.
www.jaberabd@yahoo.com