من يقف في وجه الأصلاح !!
من يقف في وجه الأصلاح !!
كشفت الاحداث الاخيرة التي عاشتها البلاد منذ بدء جولات الزيارات الملكية الى مختلف المحافظات والتجمعات العشائرية اتجاه الناس وموقفها حيال ما يجري في البلاد وحجم المعاناة التي يواجهونها ، اذ أظهرت تلك الزيارات بلا شك مستوى الرفض الشعبي حيال تلكوء الاستجابة لمطالبهم في تسريع عملية الاصلاح ومكافحة الفساد ، فجاءت نتائج الزيارات وزيارات رئيس الوزراء قبل ذلك لتحمل بطيها رسالة الشعب الى مليكه وقائده عنوانها الأبرز ضرورة الاسراع في الاصلاحات وملاحقة الفساد ، وعلى جانب اخر شكلت مناقشات مجلس النواب الاردني والاصطفافات التي حصلت مناصفة الى حد ما بين اعضاء المجلس حول ادانة او تبرئة السيد معروف البخيت من تهم تتعلق بموضوع اقرار الكازينو وما شهدته من تطورات لاحقة لا زالت تبعاتها قائمة والخاصة منها الأستقالات والأحتجاجات الواسعة على طريقة ادارة جلسة المحاكمة البرلمانية والمطالبة باعادة المحاكمة ضمن رؤية يعتقد اصحابها انها الافضل بعيدا عن التوجيه والتدخل والدعم ، كل ذلك يثبت ان هناك توجها واضحا لدى الغالبية البرلمانية على ضرورة الاصلاح ومحاسبة الفساد حتى لو ادى الامر للاستقالة والخروج من المجلس بكل مكاسبه ، وكذلك يتحرك البعض من داخل مجلس الاعيان من اجل الضغط على الحكم للتسريع في عملية الاصلاح .
كذلك ، شهدت البلاد تصاعد وتيرة المطالب الاصلاحية ومشاركة محافظات جديدة دخلت مسرح الأحتجاجات بعد ان بقيت ساكنة مدة ليست بسيطة تعاظمت على اثرها تحركات ومطالب الناس واعتبرت ان الوقت لم يعد في صالح الوطن ، فاتطلقت الى الشارع يقودها شخصيات ورموز وطنية كانت الى وقت مضى شخصيات محافظة قريبة من الحكم .
يتولد احساس لدى الناس ان هناك فريقا من رجال الوطن يدركون حجم التحديات التي يواجهها الاردن وبالتالي لا بد من اجراء الاصلاحات المنشودة وبالسرعة الممكنه حتى لو طالت التحقيقات كبار رجال الحكم من اجل الحفاظ على الوطن ،وتلك تجليات برزت مؤخرا من خلال تصريحات واضحة وصريحة لكبار رجال دولة ، كل ذلك يدلل على بروز تيارات داخل رموز الحكم لا تمانع باجراء الاصلاحات المنشودة واخراج البلاد من أزمتها ، يقابله رفض واصرار من قبل فريق أخر اطلق عليه فريق الشد العكسي وهو تيار ( مؤسسة ) اعتاد اعضائها التحرك والعمل دون رقابة او سلطان لتنفيذ مشاريعهم الخاصة ، و لا يمكن لهم منح قطار الاصلاح اذن العبور من بوابة مصالحهم ، وهاهم يحاولون الضغط من اجل تغيير دراماتيكي داخل الدولة يصيب الرئيس البخيت نفسه وبعض اعضاء الحكومة الذين يدعمون توجهاته في اجراء الاصلاح المنشود ، ولا تكاد تخلو مؤسسة مدنية او عسكرية من وجود اتباع لهذا التيار الذين يتحركون عكس ما يطالب به الناس ، فظهرت صراعات خفية بين الطرفين كانت الاستقالات السابقة لبغض الوزراء وكذلك مناقشات مجلس النواب ابرزها بالاضافة الى ما يكيله تيار الشد العكسي من سلوكات ابرزها انتشار ظاهرة البلطجة وضرب المسيرات والحد من الحرية الاعلامية لوقف توجيه النقد لبعض الشخصيات الفاسدة وملاحقة الاقلام والمواطنين تحت غطاء ما سمي بتجريم اغتيال الشخصيات و غض الطرف عن جرائم وتهديدات بالقتل بحق المنادين بالاصلاح واثارة الفتن بين الناس والعمل على توتير العلاقو مه بعض الدول من خلال مهاجمة مقراتها الاعلامية ومحاصرة سفاراتها بالاعتصامات غير المبررة .
هناك رسائل ايجابية تصل الناس وتتعلق بميل بعض رموز النظام وقيادة الاجهزة الأمنية خاصة للضغط من اجل اجراء الاصلاح المنشود ومكافحة الفساد للحفاظ على الوطن واستقراره باعتباره هدف تلك الاجهزة ، اذ لا يعقل ان تستمر الحالة الاردنية هكذا دون ايجاد الحلول المناسبة التي ترضي الناس لتهدئة الحالة الأمنية المؤرقة والقابلة للانفجار، وكذلك للأستجابة للاستحقاقات الاقليمية القادمة والمتمثلة بدخول بمجلس التعاون الخليجي عنوانه الابرز الاستقرار الأقليمي ومصالح المنطقة ، و كذلك ما يتعلق بتطورات القضية والتهديدات الاسرائيلية اليومية للبلاد ، وغيرها من الملفات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية العالقة ، وهذا يستدعي الاستجابة الفورية لمطالب الناس قبل ان تتطور اشكال وادوات الاحتجاجات ، خاصة ان المؤشرات تؤكد التصاعد التدريجي لتلك المطالبات وتنوع ادواتها ورموزها وتحالفاتها ، وهذا ما يؤرق الاجهزة الامنية وقد يدفعها اما للتحرك والتدخل لقمع الحركات مباشرة وهو امر لا ترغب به مطلقا لمعرفتها بنتائجه الوخيمة خاصة بعد دخول القوى العشائرية على خطوط الحراك بقوة ، او العمل على اجراء تكنيكات أمنية محددة تفرض على الكبار الاستجابة لمطالب الناس دون تردد بالرغم من معارضة قوى الشد العكسي ذو النفوذ العظيم و الذي يبدو انه الأقوى حتى الان على الاقل !
ومن هنا ، يتسائل الناس ، هل يمكن للأجهزة الأمنية التي يرى ابنائها الاوفياء عمق الازمة وشدتها واخطارها على الوطن والنظام أن تغض الطرف او تدعم اية تحالفات بين قوى وطنية محافظة عشائرية واسلامية و ديموقراطية لمواجهة سطوة ونفوذ قوى الشد العكسي المعادية للجميع بغية اضعافه وخضوعه لمطالب الناس ! ام انها تخضع هي الاخرى لسطوة ورغبة تلك القوى !