الخيط الرفيع بين جهد المخابرات والمستوى السياسي الاردني

بالامس كانت عمان ترد على كل المشككين بقدرتها على مواجهة محاولات الاخلال بالامن الوطني, فوجهت رسالة ً ساطعة الى من كان يعنيهُمُ الامر .. علَّ هذه الرسالةَ تكون واضحة وضوح الشمس.
بالامس كما اليوم .. يئِسَ العاملون على الفتنة من تنفيذ المُهمة ..كما يئس العاملون على توظيف الارهاب لمحاولة اثناء الاردن عن القيام بدوره , تجاه الامة وتجاه القضية الفلسطينية , التي تتعرض الان الى محاولات حثيثة لتصفيتها , خاصة من خلال المواجهة الكبرى مع الدور الامريكي الذي تجسد بالعداء الواضح الذي ابداه الرئيس دونالد ترامب, للعرب ولفلسطين.
الاردن الذي ترك كل الاوراق الجانبية, ورمى خلف ذاكرته المحملة بالتهاب طاريء ناتج عن خيانة ذوي القربى قرر إنّ المُهمَ والاولوية هو التطلّعُ إلى ما يَجري في فِلَسطينَ المحتلة , ودعمُ الشعب الفلسطيني وعدم التخلي عن دوره, في مواجهة القرار الامريكي المتعلق بالقدس , واستمرار الصهاينة بمشروع التوسع الاستيطاني على حساب الفلسطينيين .

وامام ذلك كان للمؤسسة الامنية دور اخر لا يقل عن الدور السياسي لاجهزة الدولة الاخرى حيث تتقن هذه المؤسسة اهمية التموضع الذي نشاء منذ بدء الهجوم المعاكس, الذي باعتقادي بدء مع نهاية عام 2016 ,حين قرر الاردن ان الاستمرار في الذهاب بعيدامع تحالفات لم تجلب للامة الا الويلات , ولذلك كان لابد من مواجهة هذه التطورات ,التي وباعتقادي ايضا , هي المسؤولة عن تحريك الخلايا الارهابية النائمة.

ليست مصادفة قدرة جهاز المخابرات الارني وهجماته النوعية الكبرى بإستهداف الجماعات الارهابية سواء داخل الاردن او خارجه .
فالجهاز محترف, ويطبق كل قواعد العلم الاستخباراتي ويبهر خصومه, كما اصدقائه بالرغم من الظروف الصعبة, التي تحيط بالدولة الاردنية داخليا, او في المحيط العربي الملتهب, مع فقدان الدعم من الاشقاء ,ومع ذلك فقد اثبت هذا الجهاز, قدرته على التعامل مع مُهِمّاتٍ اوسعَ وأشدَّ تعقيدا ً, وسوف ينشغل بها الاصدقاء قبل الاعداء .
لقد حاول البعض البحث عن اسباب وموجبات لتاخير الاعلان عن القاء القبض على العصابة الارهابية , ونسي هؤلاء او تناسو, انه لو تم الاعلان في تشرين الماضي عن العملية, لكان الواقع الامني من حيث انعكاساته على احتفالات الوطن, بالاعياد لجزء هام من ابناء الاردن, وكذلك احتفالات الاردنيين جميعا بالعام الجديد , مرهونة للخوف والرعب ,ولذلك اعتقد ان ادارة الجهاز كانت محقة ومصيبة في تاخير الاعلان عن هذه العملية البطولية والمحترفة .
واذا كان الاردن منشغل بمهد النور .. قطعة القدس التي مر بها الانبياء .. ارض الديانات السماوية الثلاث التي احتفت بالميلاد قبل ايام والتي تتعرض وتختزن طريق الآم جديدة صنعها رئيسٌ لدولة عظمى موتور, بمعاونة بعض دول عربية, فان ذلك لن يقف بوجه احترافية جهاز المخابرات الاردني في حماية الداخل من يد الارهاب التي تحركها اجندات لا ترى في اسرائيل دولة عدوة للعرب والمسلمين, بل لا تراها دولة احتلال حتى على ارض فلسطين المحتلة عام 1967.
وبين الحالتين المواجهتين للمشاريع التصفوية , فان الخيط رفيع , فالمستوى السياسي وان كنا نطالبه بالتصعيد نحو المواجهة المباشرة والاشتباك الدبلوماسي والسياسي حتى مع امريكا , فاننا في المقابل نجد انفسنا نفخر بهذا الاداء لدائرة المخابرات , والحرفية التي تتمتع بها , ما يجعلنا عاجزين امام وسائل شكر قيادتها على الجهد الذي تقوم به , لذلك لا نملك الا ان اقول هاهم رجال الحق في مواجهة الارهاب يتميزون امام العالم.