افلاس تلفزيوني

 

 


الساعة الحادية عشرة والنصف من مساء يوم السبت اعاد التلفزيون الاردني بث حلقة يسعد صباحك التي كان بثها صباحا والساعة العاشرة من صباح يوم السبت اعاد بث حلقة عن العنف في الجامعات التي بثها في اليوم الذي سبقه وهناك البرامج المكررة والمعادة الكثيرة ومنها برنامج مسابقات يبث لثلاث مرات في اقل من 24 ساعة والانتاج القليل والفقير رغم الامكانات الكبيرة لهذه المؤسسة التي يعمل بها الآلاف ويصرف عليها مئات الملايين بلا انجاز.

اذكر ان زميلة من التلفزيون زارت في سنوات سابقة التلفزيون السوري وتفاجأت ان المذيعة الرئيسية للاخبار او البرامج تجلس على كرسي مهترىء لا يشاهده المشاهد الذي يشاهد مذيعة متألقة من جميع الجوانب ولا يخال اي انسان ان هذه المذيعة تجلس على مثل هذا المقعد.

كثير من المحطات الفضائية المنتشرة وعلى الاخص اللبنانية والتي تكتسب شهرة واسعة ولديها قاعدة عريضة من المشاهدين والتي قد لا يصل تلفزيوننا الى عشرة بالمئة من مشاهديها لا يتجاوز عدد العاملين في المحطة الواحدة المائة شخص في احسن احوالها ولا يصرف عليها اكثر من 10- 20 بالمائة مما يصرف على التلفزيون الاردني.

اسوق هذه المقدمات لأقول ان التلفزيون الاردني المفلس انتاجيا لا مبرر له مهما كان ليكون كذلك فالامكانات البشرية موجودة وقد تكون هناك عوائق مادية ولكنها لا تبرر عدم الانتاج والقدرة على التفاعل مع المشاهد فالعاملون في المؤسسة يجب ان ينتجوا لا ان يبقوا متفرجين على خيبات الامل التي وصلنا اليها في تلفزيوننا ولا اعتقد ان المشكلة في العاملين بل المشكلة تاريخية في اختيار القائمين على هذه المؤسسة ففي كل مرة تتغيير قيادة هذه المؤسسة مثل تغير الحكومات نتفاءل خيرا بان الانجاز سيكون ولكن الحال يبقى كما هو.

بعض المسؤولين الذين تولوا دفة القيادة في هذه المؤسسة واكبوها من البدايات وكانوا يعرفون الامكانات وقلة الخبرات والتي حاليا لا تنقصهم انما ينقصهم تفعيل الامكانات الموجودة وان ارادوا ان يعملوا فهم قادرون على ذلك لو تذكروا الايام السابقة للعمل الصعب في هذه المؤسسة التي عندما كانت في عزها تسمى التلفزيون الاردني وليست مؤسسة الاذاعة والتلفزيون كما هو اسمها حاليا.

نحن نعرف ان هناك مدراء عينوا ولم تكن لديهم القدرة على الانجاز ونعرف ان هناك مدراء احبطوا من رؤساء مجالس ادارات اتوا الى هذه المؤسسة للجاه والوجاهة وللتنفيعات في زمن كان الفساد سيد الموقف وعملوا المؤسسة مزارع كمزارعهم التي هجروها واوجدوا لانفسهم مزرعة نفعتهم بها الحكومات ولكن هناك مدراء مطلقة ايديهم ونعتقد ان المدير الحالي هو احدهم ولديه الامكانات والتجربة والخبرات التي نتمنى ان تعزز دوره في تقديم الانجازات وتجاوز الاحباطات.

الوضع الحالي يجب ان يكون داعما للعمل المميز في هذه المؤسسة فهناك توجهات في رفع هامش الحرية افضل من السابق بكل الاحوال فما المانع من البرامج الحوارية التي تناقش الهم الوطني لتساهم هذه المؤسسة في التنفيس عن المواطن ولتقدم صورة حسنة عن الاعلام الاردني ليكون نموذجا وقدوة وليكن مساعدا في التعريف بالهم الوطني وعدم التستر على القضايا التي ما عادت مخفية على المواطن فالمطلوب هو تفاعل هذه المؤسسة مع المواطن بدل ان تكون منغلقة عليه فالتاجر يسعى لكسب زبائنه والاعلام مثله مثل التجارة الهدف الاساسي زيادة الزبائن من خلال العرض الجيد بما لديه من بضائع وامكانات.

وهناك الشباب الذين يعملون في التلفزيون ولكن ما ينقصهم هو التحفيز للعمل فالجلوس بلا عمل هو احباط لهم والقيادة هي التي تبتكر وتخطط وهم ينجزون فلا اعتقد ان هناك من يعمل ولا يعمل الا اذا كان رب العمل لا يرغب له ان يعمل ورب العمل هنا المسؤول وعليه ان يضع الخطط المناسبة للعمل من خلال فريق يشاوره ويستشيره فالميدان موجود والقضايا موجودة والحياة لن تتوقف ويجب ان لا يتوقف المسؤولون عن العمل او ان يتركوه ويعلنوا انهم غير قادرين على الانجاز.