أثر الدومينو في الأسواق التجارية..


شهد الربع الأخير من العام الماضي ظاهرة ارتباك في الاسواق التجارية لعدد من القطاعات، وهذه الظاهرة يتوقع لها الاستمرار وبشدة خلال الاشهر المقبلة، وتتمثل في ارتفاع الشيكات المعادة بين التجار لعدم كفاية الرصيد، وطالت تجارا متوسطين وكبار التجار متأثرين بإعسار اعداد لايستهان بها من تجار التجزئة التي رحلت بالتبعية الى عدد من تجار الجملة، وهذه الظاهرة متعارف عليها في العالم يطلق عليها اثر الدومينو .. حيث تبدأ بتجار صغار من حيث الحجم ترحل على تجار الجملة، وهذا يشير الى ارتفاع المنازعات التجارية التي ترفع للقضاة، وغالبا ما يكون الحبس بانتظارهم.
عدد من تجار الجملة واجهوا نقص السيولة وتراكم الشيكات ببيع قسم من مخزونهم السلعي بخسارة، وهو ما يعرف بالتكييش، ومنهم خسروا اموالهم واستطاعوا المحافظة على حريتهم وسمعتهم، لكنهم انتقلوا الى خانة الفقر والتعطل عن العمل، وهناك اعداد قليلة منهم لديهم سيولة تم تحويل قسم منها الى سلع باسعار متدنية وينتظرون نشاط السوق الموسمي الذي يتزامن في نهاية الربع الاول من كل عام، اما الطلب في السوق فقد انخفض اكثر من النصف، فالمستهلكون فضلوا الاحتفاظ بما تبقى لديهم من مال تحوطا للقادم، وهذا سلوك متعارف عليه في حالات الانكماش الاقتصادي.
انخفاض الطلب في السوق نتج عن تضافر مجموعة من العوامل المحلية والخارجية... فالغلاء المتراكم محليا وعدم مواكبة زيادة الرواتب والاجور لقفزات ارتفاعات الاسعار، ادى الى إعادة ترتيب محتويات سله المستهلكين من سلع وخدمات لاسيما الفقراء ومحدودي الدخل وما تبقى من الطبقة الوسطى، وهؤلاء يشكلون الغالبية العظمى من المواطنين والوافدين..اما عوامل خارجية تمثلت في اغلاق المنافذ الحدودية شمالا وشرقا، وتأثير الاقتصاد الاردني من تداعيات اللجوء والصراع المسلح الذي اجتاح سورية والعراق عدة سنوات، وهذه العوامل فرضت تحديات مالية واقتصادية واجتماعية على الاردن.
وزاد الطين بلة ارتفاع تكاليف الاموال ( اسعار الفائدة المصرفية على الدينار) التي بلغت مستويات مؤلمة في ظل ركود كبير، لذلك ان الاقتصاد الاردني بقطاعاته لاسيما الصناعية والتجارية والزراعية دخل حلقة مفرغة ويحتاج لطرح حلول غير عادية بما يساهم في إخراج الاقتصاد الوطني من الركود الصعبة التي دخلها، فالاستمرار في الاوضاع الراهنة سنجد اخفاقا مستمرا في الاسواق التجارية وزيادة المنازعات، وتباطؤ نمو الاقتصاد، وينذر بعواقف وخيمة سيكون منها انخفاض ايرادات الخزينة ويدخل معها تفاقم اثار البطالة والفقر وتدني قدرة المواطنين على الانفاق على السلع والخدمات..دائما هناك حلول ولكن.