بين العثماني والعتوم

لو لم يكن الصراع مع اليهود دينياً في جوهره وحقيقته لما كانت القدس عنوانا اساسيا يبنى عليه المستقبل بالنسبة لتبعة الاديان السماوية الثلاثة، وهو لأنه كذلك لم تقر الدول المسيحية الكبيرة والصغيرة منها تسليم القدس للسيطرة اليهودية وهي اساسا لم تكن كذلك رغم وجودها فيها خلال التاريخ، ومعلوم انها قبل ظهور المسيحية كانت رومانية وبعد ذلك ايضا والى ان تنصرت ومعها الامبراطورية الرومانية، ثم انها استمرت مسيحية حتى ظهور الاسلام وتحولت الى نظام العهدة العمرية المقرة من كل المسيحيين حتى اليوم بمن فيهم بابا الفاتيكان.
ورغم الحملات الصليبية الطويلة على القدس بعد ذلك لتعود بسيادة لها وسريان الامر ردحا من الزمن إلا انها عادت لوصاية المسلمين واستمرت الى اليوم رغم احتلالها من اليهود دون ان يعترف احد لهم بذلك، ثم ظهر ترامب اليوم بقراره الفاسد ولم يسر خلفه سوى قلة تعترف معه لليهود بالمدينة، والاكيد ان الامر لن يمر إن صوت الكنيست او الكونجرس من اجله ولن يطول الوقت لتثبت معادلة الصراع على ما هي عليه خلال الحقبات التاريخية كلها التي كانت فيه القدس رومانية ومن ثم مسيحية فإسلامية، وهي لن تكون قط يهودية والحسم اساسه رفض المسلمين والمسيحيين لها.
اليوم ورغم الوهن والتهافت الذي تمر به امة الاسلام على تعدد دولها ورغم قلة ما تملكه من ارادة ايضا إلا انها كلها ليس فيها من يجرؤ على المجاهرة بتنازل من اي نوع عن القدس، وبالتدقيق فإنه ليس هناك مسلم واحد يمكنه فعل ذلك ولا اي مسيحي حتى سوى الجدد منهم الذين خلطوا انفسهم بربط العهدين معا كلعبة يهودية مخططة ليمروا عبرها، وترامب من هذه الفئة وآل بوش ايضا.
وعطفا على ما ذهب اليه الدكتور سعد الدين العثماني في مقاله في السبيل قبل ايام، والرد عليه من قبل الدكتور علي العتوم، فإن الواضح في الوثيقة محل التفسير ان الامر يتعلق باليهود وليس بالمسيحيين إلا من جهة الاشارة للمؤمنين، والتدقيق يؤكد ان القضية الاساسية كانت دائما مع اليهود الذين نكثوا كل العهود وما زالوا يفعلون، والارجح اكيد ان ما يقف عليه العتوم اشد صلابة مما يتكئ عليه العثماني.