ربيع إيران


التظاهرات والاحتجاجات المندلعة في عدد من المدن الإيرانية منذ سبعة أيام، تشكل تطوراً لافتاً بالمشهد السياسي الإيراني، ستكون له انعكاسات مهمة داخلياً وحتى على المستوى الإقليمي.
الاحتجاجات الحالية، حسب كل المحللين والمعطيات، جاءت بسبب عوامل داخلية في جلّها اقتصادي والدليل على ذلك عفويتها، وعدم ارتباطها بحركات سياسية محددة. إذ تعاني إيران منذ فترة بسيطة مشكلات اقتصادية لم تستطع أن تجد لها الحلول المناسبة أو الجذرية.
معدلات البطالة مرتفعة، وبخاصة لدى الشباب، والنمو الاقتصادي متدنٍ جدا،ً علاوة على التضخم الذي ارتفع في السنوات الماضية. هذا على المستوى العام، أما على المستويات المحددة ، فقد عانت الكثير من المناطق التي اندلعت بها التظاهرات أكثر من غيرها تهميشاً اقتصادياً ومشكلات اقتصادية خاصة بها، ولها تجارة مع مشاريع اقتصادية فاشلة، وحالات فساد واضحة.
الاتفاق النووي الإيراني والتحرر من القيود والعقوبات الاقتصادية، لم يؤتِ ثماره بعد، ولكنه كان قد رفع التوقعات لدى المواطنين الإيرانيين، وهذه ظروف ووصفة كلاسيكية للثورات والاحتجاجات، ويبدو أن هذا ما حدث في إيران.
الاحتجاجات الحالية تختلف عن الاحتجاجات التي حصلت العام 2009 على الأقل من ناحيتين:
الأولى: احتجاجات 2009 كانت من قبل تيارات سياسية من رحم النظام، وجاءت لتعبر عن صراعات بين تيارات سياسية مختلفة داخل الدولة أو مؤسسة الحكم، ومن ثم كان صراعاً نخبوياً تقوده زعامات وطنية معروفة ولها اتباعها السياسيون وانتهت بفوز التيار المحافظ أو الراديكالي داخل المؤسسة الإيرانية على التيار الإصلاحي. بينما تميزت الاحتجاجات الحالية بعفويتها، وغياب قيادات وطنية لها، ومن المرجح ظهور قيادات ميدانية أو محلية في حالة استمرارها.
الثانية: احتجاجات 2009 تركزت في طهران قلب وعاصمة الدولة الإيرانية. أما الاحتجاجات الحالية، فقد جاءت من الأطراف أو من المناطق والفئات المهمشة؛ اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً. وبذلك، تتشابه الاحتجاجات في إيران مع مثيلاتها في أغلب الدول العربية من حيث حدوثها بالأطراف وغياب قيادات وطنية.
ليس من المؤكد أن تؤدي هذه الاحتجاجات الى تغيرات جذرية في النظام الإيراني. لقد فشلت محاولة الاحتواء للتظاهرات، ومن المرشح أن يقوم النظام بقمعها وإخمادها، ولكن هذا المسار ليس مضموناً، لأنه إذا تم التعامل مع المتظاهرين بدموية، فمن المرجح أن يطلق ديناميكية جديدة تقود للعنف الذي قد يصعب احتواؤه بالمستقبل.
من غير المؤكد أن تؤدي الاحتجاجات والتظاهرات الحالية الى تغيير جوهري في النظام السياسي الإيراني كنظام شمولي سوف يواجه صعوبة في إحداث إصلاحات سياسية واقتصادية جوهرية لمعالجة مطالب المحتجين. وعليه، سيحاول النظام قمع هذه التظاهرات أو إخمادها. وبصرف النظر عن النتائج الحالية للاحتجاجات، فإيران لن تكون بعد هذه الاحتجاجات كإيران ما قبلها. ولا بد للنظام الإيراني من أخذ الدروس المستفادة من التحولات لدى جيرانه العرب، وتجنب الانزلاق للعنف والفوضى.

FacebookTwitterطباعةZoom INZoom OUTحفظComment
التعليق
› ان الاّراء المذكورة هنا تعبر عن وجهة نظر أصحابها ولاتعبر بالضرورة عن اراء جريدة الغد.
  • »سقوط ولاية فقيه سيتسبب بأيتام كثر منهم دول عظمى وإقليمية وصغرى وميليشيات وأحزاب وخلايا إرهاب ومهربوا مخدرات(تيسير خرما)

    الخميس 4 كانون الثاني / يناير 2018.
    سقوط ولاية فقيه سيتسبب بأيتام كثر منهم دول عظمى وإقليمية وصغرى وميليشيات وأحزاب وخلايا إرهاب ومهربوا مخدرات اعتمدوا جميعهم على نشوء ولاية فقيه ومغامراتها، فمنهم من خاطر وبنى عليها استراتيجية دولية أو إقليمية أو محلية، ومنهم من ترعرع واعتاش طوال 4 عقود على أعطياتها من مال وسلاح وتدريب ودعم تقني وإعلامي وبشري، فسقوط ولاية فقيه سينقذ شعوب إيران بإنفاق مواردها على تحسين عيش مواطنيها واستعادة دستور مدني وانتماء للعالم الحر واحترام مكونات وحقوق إنسان ومرأة وطفل وحماية نفس ومال وعرض ومساواة أمام عدالة.
  • »ربيع ايران ؟؟(يوسف صافي)

    الخميس 4 كانون الثاني / يناير 2018.
    ان جاز لنا التعليق توضيحا؟؟ السياسة والإقتصاد توأمان بشريان حياة واحد ؟ د موسى فكيف لنا الفصل مابينهما ؟؟ ومن يفقد المال يصعب عليه القرار السياسي ؟؟انظر صنّاع القرار "لوبي المال والنفط والسلاح" وتغريدات الناطق الرسمي مستر ترامب وتجاوزه كافة الأعراف والقوانين الدوليه تحت التهديد بالمال دولا ومنظمات بما فيها هيئة الأمم كراعيه للسلم الدولي ؟؟وما سبقه من اعلان الحلول الإقتصاديه لقضايا حقوق الشعوب وتقريرمصيرها ؟ لذا اقتضى التنويه