التعليقات على الصحف عفويّة ام مقصودة
تعليقات القرّاء على المقالات
عفويّة أم مقصودة
لا شكّ ان الكتابة في الصحافة الورقية والإلكترونية هي نوع من انواع التعبير عن حرية الرأي وتعطي مساحة واسعة لكثير من المثقفين الذين يودّون التفاعل والمشاركة في الشأن العام المحلّي والإقليمي والدولي وكثير منهم يكون مطّلعا سواء من خلال المعارف أو القراءة أو التصفّح والبحث في المواقع الإلكترونية المختلفة .
وقد يكون البعض من اؤلئك الكتاب من يقصد فقط الظهور إعلاميا لسبب لفت الإنتباه له من اصحاب الشأن في البلد وهؤلاء نَفَسهم قصير في الكتابة ولا يستطيعون الإستمرار وكتاباتهم تكون موسمية فقط .
وعلى كل حال فإن المواقع الإلكترونية اعطت مساحات كافية لكل من يرغب بالكتابة سواء كان محترفا أو هاو أو مصلحجي فهي تتسع للجميع ولضبط عمليّة النشر يأتي دور اصحاب تلك الصحف ومحرّريها ومدقّقيها لإختيار الصالح للنشر منها وبالشكل الذي يفيد القرّاء .
وهنا يأتي دور القرّاء وللأسف فإن معظم المعلّقين على المقالات يأخذون الموضوع وكأنه نوع من الهزل فيكون التعليق فقط من خلال العنوان دون قراءة المحتوى أو يكون التعليق بشكل شخصي بالتهكّم على الكاتب أو إرسال شتيمة مبطّنة للكاتب أو يكون مسموما لبذر الفتنة مثلما يكون التعليق على مواضيع يحولها المعلقين الى مواضيع تتعلق بالأردنيون من اصل فلسطيني خاصّة عند تعيين احدهم في منصب عالي او الحديث عن الانتماء والهويّة الأردنيّة وتجد في هذا الحال وكأن هناك فريقين احدهما يحمِّل الكاتب الجميل إن كان من اصل فلسطيني أو يدعو إلى رحيله من الاردن والفريق الاخر يشيد بالوحدة الوطنيّة وان النسيج الاردني نسيج صعب ان يتفكّك وكانت ظروف سابقة قد اثبتت ذلك وفي هذا عتب على اصحاب الصحف حيث ان المساس بالوحدة الوطنية إعتبره جلالة الملك حسين رحمه الله خطا احمر وكذلك الملك عبدالله اطال الله عمره يدعو الى تكريس الوحدة والابتعاد عن التفرقة فكيف يقبل اصحاب الصحف نشر الكثير من التعليقات التي تمسّ بنسيجنا الاجتماعي الواحد .
وهذا يدعوا ان تكون لتلك الصحف عدد كافي من المدقّقين ولتغطية الكلفة يتوجّب على الحكومة دعم تلك الصحف كما يجب على القطاع الخاص المساهمة في ذلك من خلال الاعلانات في تلك الصحف .
وكذلك بعض التعليقات على اخبار الفن والفنانين والفنانات تحوي بعض الكلمات ذات الإثارة الجنسيه او تكون خادشة لحياء القراء وخاصة السيدات وهذا لا يتوافق مع تقاليدنا وقِيَمنا المحافظة .
أنا اعلم أنّ تلك الصحف بالغالب هي تجاريّة تقصد الربح فهي معنيّة بالعناوين الجاذبة والتعليقات اللاهبة من أجل زيادة القراء وبالتالي تشد الشركات لوضع إعلانات فيها وتزيد من دخل الصحيفة .
إنّ الزيادة في ترخيص الصحف يمثّل زيادة في مساحة حريّة التعبير ولكنّه من جانب آخر يخلق تنافسا اكثر بين الصحف وخاصّة الإلكترونيّة وكأنّ تلك الصحف هي مدوّنات شخصيّة ولكنّها مفتوحة للجميع .
لذلك لا بدّ من تضافر جهود الجميع لنحقَق اعلى مردود من هذه الصحف فالحكومة يجب أن تكون لديها الرغبة والايمان بحرّية التعبير وتساهم في إنجاح ذلك ماليّا وعلى أصحاب الصحف توخي المهنيّة والاحتراف والدقّة في إختيار المقالات وتدقيق ما يُنشر من تعليقات عليها وتعيين الأكفياء من المحرّرين والمدقّقين .
وبعد ذلك يأتي دور الكُتّاب في إحترام ذوق القاريئ في إعطاءه المعلومة الصحيحة بشكل صحيح إملائيا ولغويا ووضع اسم صريح وعنوان صحيح .
ودور القاريئ في قراءة الخبر أو المقال بشكل كامل والتعليق عليه بأسلوب مهذّب دون تجريح أو إتهام أو تخوين وأن يكون التعليق عفويا من خلال قرائته للموضوع وليس المقصود منه التجريح واغتيال الشخصيّة لأيّ كان .
قال رسول الله(ًص: ( إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار! ) صحيح مسلم
( يا أيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )صدق الله العظيم
المهندس احمد محمود سعيد
دبي- 13/7/2011