"شاهر المومني" أحد ورثة الأنبياء ممّن رفعهم الله بالعلم وزيّنهم بالحِلم
الحيرة تملؤني هذه اللحظات حيث لا أقوى على انتقاء الكلمات التي تعطي الشخصية التي أكتب عنها حقها فيما سأكتب، بل وأشعر برهبة ألّا أستطيع ترتيب الحروف بالشكل الذي يليق في حديثي عن هذه القامة العظيمة.
نعم.. عندما تشاء الحديث عن شخص بصبغة "عالِم" ورجل بصبغة "إنسان" سرعان ما تفقد قيمة الكلمات التي ستصف بها سيرة زاخرة بالإنجازات الأكاديمية من جهة ومسيرة تزدحم فيها القيم الإنسانية من جهة مقابلة؛ ما يُشعرك بالعجز والتخبط بين البداية والعرض والخاتمة.
"التعب والشقاء والمواظبة هي الثمن لأي نجاح".. بهذه العبارة شق العالِم الأردني شاهر المومني تفاصيل حياته العامرة بالتفوق والإبداع والإنجازات والجوائز العالمية التي أهلته مُجتمِعَة للترشح إلى جائزة نوبل.
وتقديراً لعطائه الأكاديمي المتميز وإسهاماته النوعية في ميادين البحث العلمي في مجال الرياضيات والفيزياء وحصوله على أعلى التصنيفات العلمية العالمية للباحثين في الأردن والعالم العربي؛ أنعم عليه جلالة الملك عبد الله الثاني بوسام الملك عبدالله الثاني ابن الحسين من الدرجة الثانية.
وتوالي النجاحات تلو الأخرى جعلته ينال شرف تكريم جلالته مرة ثانية كواحد من نجوم العلوم الأردنيين الذين تميزوا في مختلف حقول العلم وتطبيقاته وسخروا علمهم ومعرفتهم لخدمة العالم، فضلا عن مساهماته الريادية في مسيرة البناء التي أدخلته طبقة العقول العلمية الأكثر تأثيراً على المستوى العالمي.
لقد حاز المومني على جوائز علمية عديدة يصعب الحديث عنها أو حتى حصرها في مقال لا بد أن يخضع ضمن أسس الكتابة إلى حد معين من الكلمات؛ لست قادرة على ذكر واحدة متجاهلة الأخرى فكلها متميزة وانفرد بها دونا عن غيره بل وكان على رأس هرمهما أيضا.
كيف لا يسلط قلمي الضوء على هذه القامة؛ هو "عالِم" والعلماء هم سراج العباد ومنارة البلاد وقوام الأمة وينابيع الحكمة.. مَثَلُهم في الأرض كمثل النجوم في السماء؛ يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر.
"المومني" هو واحد من أولئك العلماء، هو ذلك العالم الذي غمره الطموح وكان لا يمر عليه يوما واحدا دون عصف ذهني يصل به الفكرة بالواقع؛ بل هو تلك الطاقة الأردنية التي يجب أن نفخر بها جميعا ونقف معها بكل جوارحنا.
وصوله للعالمية لم يكن بالأمر السهل أبدا.. فقد واجهته الكثير من المصاعب والتحديات والمعيقات التي تصدى لها بالصبر والمثابرة والإنجاز وتمكن من التغلب عليها بإيمان بسيط بمورده وكبير بمعناه وهو "إدراكه لقيمة العمل ضمن الفريق وحب العمل قبل البدء به".
من مثله .. أقصد من مثلك أيها العالِم.. حين أثبتّ أنك ليس ابن الوطن فحسب؛ بل ابن الإنسانية جمعاء، وحين برهنت قدرة العقل العربي على كسر قيود التخلف والرجعية وتذليل العقبات وابتكار الإبداعات والوقوف في وجه المعاناة وتسخيرها من أجل تحقيق أهداف الحياة.
الحديث قد يطول ويتسع إن أردت أن أنثني قليلا حيث هي الجوانب الحياتية التي تميّزَتْ لمرورها في طريق "المومني" .. تلك القامة التي شرّفت وستبقى تشرف كل من يمر بها أو يعبر من خلالها أو حتى يلتقيها، سيّما بتلك البصمة التي تترك أثرا يصعب وصفه في نفسك.
وأخيرا يا "قدوة" في طريق الباحثين عن أسمى درجات التميز.. أمل يعترينا جميعا أن يبقى العطاء رمزك كما عودتنا دائما، وعليك تقع المسؤولية الكبرى في النهوض بمستوى التعليم من كافة جوانبه؛ فوحده العلم سلاحنا الذي نحقق به أرقى المستويات ونجابه به الأمم ونوّجه من خلاله بوصلة التقدم نحو بلدنا الحبيب في ظل قيادتنا الهاشمية الفذة والحكيمة.