محمد علاونة يكتب :إعفاء السلع قرار حكيم ولكن..

قرار الحكومة بإعفاء عدد من السلع ضريبيا، وتخفيضها على عدد آخر حكيم، ويأتي في وقت مناسب على اعتبار معدلات تضخم مرتفعة وقرب حلول شهر رمضان الذي يزداد فيه الاستهلاك كل عام.
لكن ماذا لو تحولت تلك الإعفاءات لأرباح إضافية من قبل التجار، ولم تنعكس على الأسعار النهائية عند المستهلك فسيكون القرار غير مجد.
ذلك يستدعي مبادرة من قبل نقابة تجار المواد الغذائية على الأقل، لتوضيح فكرة مفادها بأن القرار في حال انعكس على السوق فسيكون هنالك انعكاسات إيجابية على المستهلكين والتجار على حد سواء، ففي الأولى سيحصل المستهلكون على سلع بأسعار تفضيلية، وسيجني التجار مزيدا من النشاط ويخرجون من حالة ركود تعيشها الأسواق.
صحيح أننا ضد أي تدخل حكومي في الأسواق، وعلى معادلة العرض والطلب أن تأخذ مفعولها، لكن بحسب السياسيات الاقتصادية السابقة التي فرضت إبان انضمام البلاد لمنظمة التجارة واتفاقيات تجارة حرة متعددة أفرزت التعاملات التجارية كثيرا من الاختلالات بسبب نقص في التشريعات وغياب قوانين منافسة وحماية مستهلك، ما استوجب أن تجد الحكومة نفسها مضطرة لإعفاءات.
عندما كشف وزير المالية الدكتور محمد أبو حمور أن كلفة تحصيل الضرائب أكثر من قيمة الضرائب نفسها، ما استوجب تقديم إعفاء يعكس النظرة لمسيرة الاقتصاد من جانب آخر، بمعنى أن إعفاء السلع ليس بالضرورة أن يقلص من إيرادات الخزينة، على العكس يمكن أن تكون انعكاساته اللاحقة أكثر جدوى من تحصيل تلك الضريبة.
ذلك يقود إلى تنظير البعض حول أهمية اتخاذ قرار حازم بشأن تحرير المشتقات النفطية والسلع من أي زيادة على الأسعار لإنقاذ الخزينة، ورفدها بمزيد من الدنانير، وهم لا يعون بأن هذه الخطوة ستنعكس سلبيا بشكل بطيء لندخل مرحلة كساد بعد الركود، ويمكن أن توفر شيئا من السيولة للخزينة لكنها ستسحب معظم السيولة من الجيوب في القطاعين العام والخاص؛ ما يوصلنا لنمو مضطرب وإعادته إلى النشاط من جديد يستوجب أضعاف هذه الإعفاءات ونعود إلى المربع الاول من جديد.
حتى قرار إعفاءات بيع الشقق انعكس على النشاط الإجمالي في قطاع العقار الذي تضاعف حجمه بعد القرار، وكانت نتائجه الإيجابية أضعاف السلبيات التي تمثلت بانخفاض رسوم الأراضي، وسيحصل الاقتصاد ككل نتائج أفضل مع سير العملية الاقتصادية بشكل سلس، وتحديدا في قطاع العقار الذي سيجذب في النهاية استثمارات من الخارج من المقيمين في الخارج والعرب والأجانب.
الفرصة ما زالت مواتية لتصحيح سياسات خاطئة وعدم اللجوء إلى الحلول السهلة بزيادة ضرائب أو رفع الدعم عن السلع التي كانت تجاربها واضحة خلال الحكومات المتعاقبة، فرفد الخزينة بمئات الملايين من الدنانير ضمن تلك الحلول لم تكن تجدي، وانعكست سلبيا على النشاط الاقتصادي ككل.
ندعو القطاع الخاص من جديد أن يبادر والحكومة بإيجاد صيغة تعاون جديدة، وذلك لا يعني فرض شروط على مسيرة الاقتصاد، ولا وضع قيود على فرضية السوق الحر بل المسألة تحتاج شيئا من التنظيم ومزيدا من الرقابة، في ظل قوانين مهمة نامت في الأدراج سنوات، أهمها "حماية المستهلك" و"المنافسة ومنع الاحتكار".