خواطر وذكريات عن القدس

الأربعاء 13/ديسمبر/2017 الساعة 12:45:46 صباحاً

آخر عهدي بمدينة القدس كان في يوم الجمعة 2 حزيران 1967، حيث صليت الجمعة في المسجد الأقصى وشاهدت فيها أحمد الشقيري الذي كان في زيارة للقدس، وسط هتافات المصلين: «يا شقيري بدنا سلاح».
مررت على من أعرف من تجار القدس وخاصة في سوق العطارين والدباغة، وصليت في مسجد عمر بن الخطاب قرب كنيسة القيامة، وودعت الأصحاب الذين أعرف. وكان هنا شعور يتملكني بأن تلك الزيارة ستكون آخر عهدي بالقدس، حيث كنت أعمل في مشروع سد خالد بن الوليد على نهر اليرموك قرب قرية المخيبة، وكان المتعهد هو شركة المقاولون العرب برئاسة أحمد عثمان. كان السد في مراحله الأولى، حيث تم حفر نفق في الجانب السوري وحفر أساسات في الجانب الأردني، وكنت أعمل في توسعة الروافد برئاسة المرحوم المهندس فهد خلف، كنت كل خميس تقريباً أتوجه إلى القدس لصلاة الجمعة في الأقصى.. كانت تلك آخر زيارة لوداع القدس والأقصى.
بعد ذلك بثلاثة أيام وفي يوم الاثنين 5 حزيران 1967 حدثت حرب حزيران المؤلمة، واقتحم الصهاينة المدينة القديمة بقيادة اسحق رابين من باب الأسباط، وهي نفس المنطقة التي مكث المصلون المسلمون في القدس يصلون في شوارعها احتجاجاً على البوابات الإلكترونية هذه السنة.
القدس فتحها الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وحررها البطل المجاهد صلاح الدين بعد أن سقطت بأيدي الفرنجة حوالي 90 سنة، والسور الذي يحيط بالمدينة بناه السلطان العثماني سليمان القانوني، والسور له عدة أبواب أهمها باب العامود حيث تكثر الصدامات مع الاحتلال الصهيوني، وبقية الأبواب هي باب الساهرة وباب الأسباب وباب المغاربة وباب الخليل وغيرها.
وقد ولدت في حارة السعدية، والمسافة منها للأقصى لا تزيد عن خمسة دقائق، أما القدس القديمة ففيها عدة أحياء، حي المسلمين، وحي النصارى، والأرمن، واليهود. وفي عام 1948 حرر القائد المجاهد عبدالله التل حارة اليهود، كما حرر مستعمرة كفار عتصيون قرب بيت لحم، واستطاع الجيش الأردني أن يأسر حوالي 500 أسير يهودي في تلك الحرب.
والقدس تتكون من القدس القديمة داخل السور والقدس الجديدة حيث كان الموسرون من العرب ينتقلون إليها، ولكن في حرب 1948 استطاع اليهود أن يستولوا عليها. وكانت هناك عدة محاولات لتحرير القدس الجديدة خطط لها القائد عبدالله التل والقائد المصري الإسلامي أحمد عبدالعزيز، والمجاهد الفلسطيني القائد عبدالقادر الحسيني الذي استشهد في معركة القسطل وخلفه المجاهد المرحوم بهجت أبو غربية، وهكذا فقد بقيت القدس الغربية مع الصهاينة والقدس القديمة والأحياء الجديدة مثل الشيخ جراح ووادي الجوز وباب الساهرة وغيرها بيد العرب، وهي بمجموعها مع القديمة تسمى القدس الشرقية.