«صفّعَة القرن» وبلفور الجديد .... «أميركي» هذه المرّة!

سينتهي قريباً ماراثون التصريحات والإدانات والشجب العربي والاسلامي، الذي انطلق مباشرة بعد تأكيد الرئيس الاميركي ترمب انه في صدد الإعتراف بـ»القدس المُوَحّدة عاصمة لدولة العدو الصهيوني.. ويبقى السؤال السرمدي... ماذا بعد؟ وما العمل؟, ان كان ثمة في بلاد العرب والمسلمين مَنْ يقوى على طرح سؤال مُمّض كهذا على نفسه ما بالك على الجمهور؟ او ان بعضهم قد وجَدَ في قرار بلفور الاميركي ما يريحه وأزاح عن ظهره عِبئاً, طالما شكَّل حرَجا لِرهط من الذين ما زالوا يراهنون على رئيس أميركي «مُنصِف» او أقل انحيازا لاسرائيل, وخصوصا منذ ان سوّق علينا انور السادات وبطانته ان 99 %من اوراق «الحل» موجودة في واشنطن، معترِفا بان لا قيمة ولا اهمية ولا دور للعرب دولا وشعوبا في قضاياهم, وانهم إن ارادوا «السلامة» فعليهم تسليم امورهم لـِ»ماما» أميركا قائدة العالم الحُرّ والمعنِية بتكريس الديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان وفي الأساس التصدي للشيوعية والاتحاد السوفياتي, وكل من يرطن بلغة اليسار والاشتراكية وثقافة المقاومة والتحرير وكرامة الشعوب وحقِها في تقرير مصائِرها والدفاع عن مصالِحها. سادت ثقافة البترودولار مذذاك, وتسيَّد خطاب السلام والمفاوضات خياراً استراتيجياً, ولم يعد ثمة في بلاد العرب مَن يطرح طريقا بديلا لمسيرة الانحدار والإنحطاط, التي بدأت مباشرة بعد مفاوضات خيمة «الكيلو 101«على طريق السويس القاهرة بين الجنرال عبدالغني الجمسي واليهودي اهارون ياريف, ولم يتوقف مسلسل التنازلات الذي وجد تبريره بـِكَسر «الحاجز النفسي», ولم ينته مع اندلاع الحروب الاهلية على اكثر من ساحة عربية, بما تخللها من حملات اعلامية تؤسس لقطيعة مُبرمَجة بين معظم الانظمة العربية التي رفعت شعار «لا حرب بدون مصر» على نحو استمرأوا فيه الندب وتحميل وزر الإنحطاط لهذا الزعيم او ذاك, الى ان هطلت علينا بركات «مؤتمر مدريد» بعد غزو الكويت,هذا الغزو الأحمق الذي أسّس لمرحلة جديدة من الاستسلام والهزائم والفرقة, رغم كل ما يرطن به كل من رأى فيه خطوة نحو «توحيد الأمة», على طريقة بسمارك الالماني وغالريبالدي الإيطالي وغيرهما من نماذج «اوروبية», كانت وليدة ظروفها التاريخية والإجتماعية. الى ان انتهينا–ولمّا ننته في واقع الحال – بِرطانَة جديدة, تؤسِّس هي الاخرى, لحروب طاحنة ومدَمِرة جديدة, تنهض هذه الحقبة الكارِثِية على اسس طائفية ومذهبية, تقوم «ايديولوجيتها» (المصطلح مقصود في استخدامه هنا)، على اعتبار اسرائيل (بما تُمثِله من فكرة صهيونية استيطانِية إحلالِية كولونيالِية) أقل خطراً بل جارا وصديقا محتملاً، مقارنة بما تشكِله ايران من خطر على العرب، الامر الذي اسهم – ضمن امور اخرى بالطبع – في طمأنة بلفور الجديد,إذا ما..وعندما يٌقدِمُ على «اهداء القدس» للحركة الصهيونية وللرواية اليهودية, مكافأة على عدوانها وإحتلالها واستيطانها وجرائم الحرب التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الأخرى,لإن خطوته الإجرامية هذه, لن تُشكل اي خطر او مخاطرة على المصالح الاميركية في المنطقة. لهذا لم يكن مفاجِئا ولا صادما التصريح الذي ادلى به الجنرال الصهيوني عاموس يادلين، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية (آمان) السابق, عندما قال في غطرسة تتكئ على اطمئنان افرزته تجارب سابقة بالطبع: إن الفلسطينيين والعرب والاتراك يُهدِّدون بمسدس فارغ».. مُبرِراً ذلك بأن... «الرأي العام العربي, مشغول في قضايا الصراع بين السعودية وايران في اليمن ولبنان