خالد الزبيدي يكتب :ضرائب على الضرائب في فواتير الاتصالات
تسن الضرائب والرسوم لتوفير الاموال لانفاقها على الدولة دون اجحاف، وان استيفاء ضرائب على الضرائب هو امر لايتوافق مع الدستور الاردني، واعتماد التصاعد في فرض الضرائب تنفيذا لتكليف القادرين واعفاء غير القادرين من المواطنين، وهذا يعد توظيفا عادلا ومنطقيا للاهداف الاقتصادية الاجتماعية بما يوطد الاستقرار الاجتماعي وتمتين النسيج الوطني.
الا ان فلسفة استيفاء الضرائب يتم تجاوزها في عدد من المجالات الضريبية، ومن هذه التجاوزات استيفاء ضرائب على الضرائب في فواتير الاتصالات بخاصة الفواتير الشهرية لشركات الاتصالات، حيث يتم استيفاء ضريبة خاصة على فواتير الهاتف النقال بنسبة 12% ثم يتم جمعها مع قيمة فاتورة استخدام المشترك، ويضاف اليهما نسبة 16% بدل الضريبة العامة على المبيعات وهذا التصرف الضريبي غير منصف للمشتركين، ومبالغة في استيفاء الضريبة، هذا الى جانب رسوم وضرائب اخرى منها الجامعات وضريبة الدخل على الشركات التي تصل الى 25%، الامر الذي يؤدي الى ارتفاع ما تستوفيه المالية نحو 48% من كل دينار يدفع على فاتورة المشترك.
ومن مظاهر الازدواج الضريبي فرض نفس الضريبة على فواتير وخدمات مختلفة منها ضريبة استخدامات مياه الصرف الصحي، وكذلك فواتير الفنادق والمطاعم المصنفة حيث يتم جمع قيمة الفاتورة والخدمات ثم يضاف اليهما ضريبة العامة على المبيعات، وكذلك بالنسبة لرسوم تجديد ترخيص المركبات حيث يتم تضمين الفاتورة الكلية رسوما جانبية اخرى ثم يضاف اليها الغرامات ثم يضاف لكل هذه البنوك واستيفاء ضريبة عليها، اي فرض ضرائب على رسوم وغرامات بما يثقل المواطنين.
نحن متيقنون ان جيوب المواطنين هي خزينة الدولة، الا ان ذلك يفترض ان ينطلق من الفلسفة الاقتصادية والاجتماعية للضرائب بحيث لاتؤثر على القدرة المعيشية للعامة من ناحية وتوفير موارد متنامية للخزينة بما يعزز الاستقرار المالي والاقتصادي للدولة من ناحية ثانية، وكل ذلك تم معالجته في مواد الدستور الاردني الذي يعد من ارقى الدساتير على مستوى المنطقة.
وقبل رسم الحدود الضريبية وتوزيعها على المكلفين لابد من اعادة تقييم الانفاق العام الذي شهد توسعا غير منطقي سواء في شقيه الجاري والراسمالي لجهة ضبطه عند مستويات آمنه، اوالتوجه الى المستثمرين والشركات بقطاعاتها المختلفة بحيث اعادة النظر بضريبة الدخل على القطاع المصرفي والقطاعات الاخرى القادرة على تحملها الاعباء الضريبية الممكنة دون كبح التوسع في عملياتها لاسيما وان الضرائب هي بمثابة كوابح في التنمية بشكل عام.
وقبل كل ذلك لابد الحرص على تقديم الخدمات والتأمينات الاجتماعية بكفاءة عالية لاقناع الجميع بان حصيلة الضرائب والرسوم المختلفة يقابلها تقديم خدمات حيوية يرضى عنها المواطنون ومتلقو هذه الخدمات، اما التركيز على تحصيل الضرائب دون هوادة ودون خدمات حقيقية، وفرض الضرائب على الضرائب والغرامات تدفع العامة لرفضها والتهرب من دفعها وهذا اضعاف للروح المعنوية وتدني القناعة بتأديها.