الأردن يرفض تغيير مسمى "الأونروا" لمساسه بقرارات الشرعية الدولية

نادية سعدالدين

عمان – أكدت الحكومة الأردنية رفضها تغيير مسمى "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)"، لمساسه بقرارات الشرعية الدولية.
وقالت دائرة الشؤون الفلسطينية إن "تغيير اسم الأونروا أمر مرفوض، لأنه يمس بقرارات الشرعية الدولية"، مبينة أن "الأردن لا يعترف إلا بالاسم المعتمد بقرار تأسيس الوكالة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 للعام 1949".
وأضافت، على لسان مستشارها القانوني مدير شؤون المخيمات ناجح العقرباوي، أن "الموقف الأردني واضح بشأن رفض المساس بالمهام الموكلة إلى الأونروا، وبضرورة استمرار عملها باعتبارها تشكل حافظة مهمة لحقوق اللاجئين الفلسطينيين في أروقة الأمم المتحدة خاصة، والمجتمع الدولي عامة".
وأوضحت إلى "الغد" أن "الدور الذي تقوم به الوكالة يشكل أحد عوامل الاستقرار المنشود"، مشددة على "الموقف الأردني تجاه التفويض الممنوح للوكالة استناداً إلى قرار تأسيسها إلى حين التوصل إلى حل عادل وشامل لقضية اللاجئين الفلسطينيين ونيلهم حقوقهم التي كفلتها المواثيق والقرارات الدولية، وفي مقدمتها القرار الدولي 194"، الذي ينص على "حق العودة والتعويض".
وبين العقرباوي، الذي يرأس الوفد الأردني إلى اجتماعات المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة بالقاهرة، أن "الحكومة الأردنية تنظر بقلق عميق للأزمة المالية للأونروا وتراجع خدماتها"، في وقت تقدر فيه ميزانيتها العادية للعام 2011 بنحو 105 ملايين دولار. ولفت إلى أن "الوكالة تشهد راهناً عجزاً مالياً غير مسبوق في تاريخها، مما انعكس بتداعياته السلبية على الخدمات التعليمية والصحية والإغاثة الاجتماعية التي انخفض مستوى بعض برامجها إلى أقل من الحدّ الأدنى".
وأشار إلى أن "الوضع المالي الصعب للوكالة ناجم عن عدم استمرار الدول المانحة بالإيفاء بالتزاماتها"، حاثاً "المجتمع الدولي على تقديم الدعم المالي اللازم للوكالة حتى تتمكن من الاستمرار بعملها وأداء خدماتها للاجئين الفلسطينيين".
غير أن الأونروا ترجع تعديل مسماها المرادف لشعارها إلى "أغراض إعلامية فقط"، بينما "هي باقية على اسمها وفق القرار الأممي، من دون المساس بمهامها"، بحسب بيان رسمي صدر عنها مؤخراً، ولم يفلح هذا المبرر المساق في تهدئة الاحتجاجات المتوالية للتحذير من "مؤامرة على اللاجئين ببصمات إسرائيلية أميركية".
فتغيير المسمى بعد اثنين وستين عاماً على التأسيس يحمل في طياته أبعاداً سياسية وقانونية خطيرة، تذهب إلى "حدّ تصفية الوكالة تدريجياً وإلغاء حق العودة"، بحسب عضو المجلس الوطني الفلسطيني رئيس اتحاد المحامين الفلسطينيين في لبنان صبحي ظاهر.
ويكمن الجانب القانوني من التغيير، كما يقول ظاهر، في "المساس بالمهام الموكلة للأونروا التي تأسست من أجلها، وتحقيق التناغم بين المسمى الجديد وتخفيض الخدمات المقدمة للاجئين، بما يعكس دور الوكالة في المرحلة الراهنة والمقبلة".
أما سياسياً، "فتلوح أهداف خفية من وراء التغيير تم التحايل عليها من خلال التفرقة في الترجمة بين كلمتي "اللاجئين الفلسطينيين" كما هو مطروح باللغة العربية، و"لاجئي فلسطين" وفق المعروض باللغة الإنجليزية على موقع الوكالة".
هذا التلاعب يقود إلى وجهة أخرى تنسجم مع "الهدف الصهيوني الرامي إلى إلغاء حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم التي هُجّروا منها بفعل العدوان الإسرائيلي العام 1948، بحيث تكون العودة، إذا تمت، إلى الدولة الفلسطينية المستقبلية فقط".
ويرى ظاهر "ذلك تهرباً من المسؤولية، واشتغالاً على هدف إسقاط حق العودة للمدى الطويل، حتى لا تستمر المطالبة به، بحيث تكون مرجعيتهم الدولة الفلسطينية المستقبلية التي يستطيعون العودة إليها متى شاؤوا، وبالتالي يتم إلغاء كلمة لاجئ واستبدالها بمغترب أو مهاجر".
ولم تبتعد "الضغوط الأميركية والإسرائيلية عن دائرة المتغيرات الأخيرة المتعلقة بالأونروا على حساب حقوق الشعب الفلسطيني"، بالنسبة إلى مفوض الإعلام والثقافة لحركة فتح في لبنان رفعت شناعة.
وتقدم واشنطن بذلك، وفق قول شناعة لـ"الغد" من بيروت، "الغطاء القانوني والسياسي والمالي للتطلعات الإسرائيلية بتغييب قضية اللاجئين الفلسطينيين، على غرار التهديد الأميركي بوقف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية عند الذهاب للأمم المتحدة للاعتراف بعضوية دولة فلسطين على حدود 1967".
ويرتبط بإجراء المسمى الجديد شقا الخدمات والسياسة، في ظل تراجع البرامج الخدمية للوكالة المقدمة للاجئين في كافة مناطق عملياتها الخمس (الأردن وسورية ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة)، ما يشكل "تهرباً من المسؤولية".
وتأخذ أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان منحى أكثر سوءاً، من دون أن يغيره القانون الأخير المتعلق بفتح مهن كانت مغلقة أمام عملهم، "بينما يلقي تهرب الوكالة عن تحمل مسؤولياتها تجاههم، بخاصة في مجال الصحة، بظلاله السلبية على أوضاعهم".
ويحتل الجانب الصحي البعد الأكثر سوداوية في حياة اللاجئين، في ظل "عدم شمول أمراض كثيرة في إطار تحمل الوكالة لتكاليف العلاج، فضلاً عن نقص بعض أنواع من الأدوية وعدم تقديم العلاجات الطبية المناسبة"، وفق شناعة.
بينما تطل إشكاليتا الفقر والبطالة بنسبهما المرتفعة في مخيمات اللاجئين، فوفق معطيات غير رسمية تخص الأردن فإن "حوالي 31 % من مجمل العائلات في المخيمات يقعون تحت خط الفقر وبمعدل أعلى في المخيمات الواقعة شمال المملكة بنسبة 36 %، حيث ترتفع النسبة بين عائلات اللاجئين من قـطاع غزة بحوالي 45 %، بينما تصل نسبة البطالة إلى حوالي 18 – 20 %".
ومن ذلك؛ يشكل اختطاف كلمتي الإغاثة والتشغيل من المسمى الجديد، بالنسبة للاجئين الفلسطينيين، "مقدمة تدريجية لتصفية وجود الوكالة بعدما لم يتبق منها شيء".
وأكد الحاج عبدالعزيز صقر من كبار وجهاء اللاجئين "شجب واستنكار اللاجئين لتلاعب الوكالة بالمسمى الذي تأسست وفقه، بما يشكل مقدمة لتقليص حجم أكبر من الخدمات وصولاً إلى إلغائها".
وقال إلى "الغد" إن "الوكالة تتبع إجراءات ملتوية للانتقاص من حقوق اللاجئين الفلسطينيين، والضغط عليهم للقبول بطروحات صهيونية غربية لإلغاء حق العودة".
ولفت إلى أن وفداً من وجهاء اللاجئين في المخيمات سيتوجه خلال أيام للقاء المفوض العام للأونروا فيليبو غراندي لنقل احتجاجه واستنكاره لهذا الإجراء، وطلب توضيح لموقف الوكالة منه.
واعتبر الناشط في مخيم البقعة يونس قطيط أن تغيير المسمى "تجديد لخطط التوطين وإلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين، من غير استبعاد التواطؤ الصهيوني الأميركي وراءها".
وأكد "رفض اللاجئين للإجراء الأخير الذي يدلل بوضوح على هدف إلغاء حق العودة، بينما تنسجم إجراءات تخفيض الخدمات المقدمة للاجئين معه".
وكانت القوى والفصائل الفلسطينية طالبت "الأونروا بالعدول عن تغيير مسماها والالتزام بالقرارات الأممية، وتنفيذ ما عليها من استحقاقات للاجئين الفلسطينيين"، معتبرة أن ذلك "مقدمة لتغيرات جذرية إزاء عملها".
وأضافت في بيان أصدرته مؤخراً أن "الأونروا لا تملك حق تصفية نفسها أو تغير مهامها، حيث إن عصب وأساس عملها يكمن في القرار الدولي الصادر لتأسيسها".