الشلن ..

جاءنا ضيف من أقاربنا يعمل موظفا مرموقا في عمّان. ذبحت أمي ديكا لعشائه. أعطاني الضيف شلنا لشراء علبة سجاير "برنجي” من دكانة أبو خشمين بالحارة الشرقية، أوقفني أبي وهددني: إن أضعت الشلن لأذبحنك. أمسكتني أمي وأغلقت كفي على الشلن. وقالت: انتبه للشلن واذهب مباشرة للدكان. وكانت الشمس تلمّ بقايا اشعتها عن سطوح المنازل. وكان عليّ أن أقطع الوادي الموحش. وكان في الحارة الشرقية أطفال عدوانيون حيال كل غريب عن حارتهم. وكنت ممتلئا رعبا وأركض. أتعثر بالحصى، وأطأ روث البهائم ولا أبالي. وصلت الدكانة ألهث. كان الحاج أبو خشمين يضع سراجا في كفة الميزان ويحاول إشعاله. قلت له أريد باكيت دخان برنجي. ترك السراج وأحضر طلبي. فتحت كفي اليمنى لتناول علبة السجاير. لم يكن الشلن هناك! أعاد أبو خشمين علبة الدخان إلى مكانها، وطردني بقسوة. خرجت أبحث عن الشلن بين الحصى. طال غيابي عن الدار. لحقتني أختي ناجية. صارت تبحث معي. وضعت أمي الديك المطبوخ أمام أبي وضيفه، ولحقت بنا ومعها فانوس. صرنا كلنا نبحث عن الشلن. انضم إلينا بعض المارة يساعدوننا في البحث. اقترح أحدهم أن نحضر غربالا لنغربل تراب الطريق علّ الشلن اختفى تحت حصوة. حضر أبي غاضبا. وهجم عليّ ليضربني. احتضنتني أمي لتحميني. أرغى أبي وأزبد. أيقنت أنه سيذبحني. ضمتني أمي إليها بشدة. شعرت أمي بكفي اليسرى مكوّرة بقوة. فتحتْ كفّي. فوجدتْ الشلن مغطّى بالدم في كفي المدماة..!