آخر ورقة توت!



حين كانت الطائرات الاسرائيلية عام 1982 تطارد الاطفال وتحلق في غرف النوم وحول المهود كتب محمود درويش :
سقط القناع
عرب وباعوا ...
ولم يعش الرجل حتى ايامنا ليرى آخر الاقنعة وآخر اوراق التوت والتين وحتى الزيتون وهي تتساقط في خريف سياسي اصفر .
فأية مفارقة تلك التي شهدت ما يكتبه جدعون ليفي وشلومو ساند ويوري افنيري وشلومو رايخ ضد اسرائيل والعنصرية والاحتلال وتشهد الان ما يكتبه عرب عن كِرِم اسرائيل وعدالتها وعن الافتراء على دولة الاحتلال؛ لأن الفلسطينيين ليسوا اصحاب حق وان ملايين اللاجئين والنازحين والشهداء ذهبت دماؤهم سدى.
كم كنت محظوظا يا محمود وانت تأمر مليون عصفور على اوتار قلبك بالصمت، كي لا يختلط صوتها بالنعيق، وكم كنت محظوظا لأنك لست هنا بل في مكان تنادم فيه جذور الزيتون والسنديان ورميم من افتدونا بحيث نبقى على قيد هويتنا ولغتنا وذاكرتنا!
فهل سيجد اليمين الاسرائيلي بعد الآن من الاعلاميين العرب من ينوب عنه في هجاء ونقد اليهود الذين اعلنوا العصيان على تعاليم صهيون ووصفهم الحاخام والجنرال بالعقوق؟
ما يحدث لا يضحك ولا يبكي بل يثير الغثيان والتقزز؛ لأن من قرأوا التاريخ يعرفون ما الذي فعله الاعداء بمن تحولوا الى ادوات ومخالب لهم غرزت في لحم ذوي القربى.
خمسة وثلاثون عاما مرّت منذ الاجتياح سقطت خلالها اقنعة وسقطت اوراق توت وتين، واذا كان هذا هو اول السطر فإن النهايات لا يعلمها غير الله والفقهاء في علم الخنوع والخضوع.
شكرا لمن اكتشفوا ان الشمس تشرق من الغرب وان السنبلة هي التي ذبحت المنجل وان الاحتلال اصبح استحلالا !!