النواب وثوابت نقاش الموازنة

 نقف على عتبة مرحلة نقاش الموازنة العامة للعام المقبل وهذه المرحلة وان كانت ضمن اروقة مجلس النواب لا زالت ضمن السياق التقليدي للحوار، فمناقشة قانون الموازنة يجب ان يشب عن طوق الرتابة المعهودة فهذا القانون ليس عاديا بل هو مرآة عاكسة لجملة فعاليات الحكومة لعام قادم ثم انه الذراع الاساسي لبلورة توجهات السياسة المالية والتي هي بدورها تشكل مع السياسة النقدية جناحي السياسة الاقتصادية التي بهما تحلق هذه السياسة نحو كل آفاق تحقيق طموحات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. واذا كان قانون الموازنة العامة يحظى بهذه الاهمية الخاصة في تشابكاته مع السياسة المالية والسياسة والاقتصادية في الاحوال العادية، فان طبيعة الظرف الاقتصادي الذي نمر به وكذلك وجود عناصر كبيرة خارج سيطرة المؤشرات الاقتصادية بفعل حالة الاضطراب في الاقليم، نقول ان طبيعة هذا الظرف الاقتصادي الخاص وكذلك ما نحن ملتزمون به كبرنامج اصلاحي وفق اهداف محددة، كل ذلك يفرض على السياق العام لمناقشة الموازنة الا يكون تقليديا فالموازنة العامة ليست فرصة للمطالبات من كافة المحافظات بل ان النقاش في حد ذاته وبهذه المرة تحديدا يجب ان يلتزم بقدرة الموازنة العامة على الانسجام مع اهداف تحفيز النمو في الناتج المحلي الاجمالي وفي ايقاف او تراجع نسبة الدين العام الخارجي الى الناتج المحلي الاجمالي وبالتالي في تخفيض نسبة العجز ايضا الى الناتج، هذا الثالوث من المحاور يشكل الاساس الذي لا بد وان تقاس عليه كفاءة الموازنة العامة. فالنقاش إذا يجب أن يلتزم بالاهداف والغايات المتوخاة من هذه الموازنة واي خروج عن هذا السياق نحو حشد لا ينتهي من المطالب انما هو خروج عن موضوعية وعملية النقاش، ثم أن تطوير نمط نقاش الموازنة بإتجاه التخلي عن المطالب المناطقية نحو المشهد الاقتصادي الاجمالي انما هو في حد ذاته ارساء لقواعد نقاش جديدة ومتطورة وبالتالي هو تجذير لثقافة نقاشية مالية متطورة لها طابع شمولي اقتصادي وطني ضمن محددات وثوابت ذات الطبيعة الكلية في التعاطي مع المؤشرات الاقتصادية والمالية. ان مشروع قانون الموازنة العامة الراهن للعام القادم يحتوي على جملة من النقاط الايجابية ولا بد للنقاش من أن يأخذ بالاعتبار هذه الاشارات الايجابية لتكون قابلة للتحقيق وليصار الى ارساء قواعدها والى المراكمة عليها في السنوات القادمة، فهذا القانون يحمل في طياته ما يشير اننا نقف على عتبة مرحلة جديدة وبالتالي فان الخروج من مرحلة والوقوف على اعتاب مرحلة جدية يتطلب ايضا التخلي عن طريقة في النقاش للدخول في سياق منهجية أخرى فالامر هنا محكوم الى محددات واطار من الاهداف وفق التصحيح الاقتصادي فالى اي مدى تكون الموازنة العامة منسجمة مع هذه الاهداف وقادرة على بلورتها الى واقع، هذا ما يجب ان يحكم النقاش ويشكل بوصلة الحوارات، والامل كبير ان تشهد نقاشات الموازنة العامة هذه القفزة النوعية وان يكون موسم نقاش الموازنة العامة فرصة لثقافة مالية واقتصادية تأخذ حملة المشهد الاقتصادي والوطني بعين الاعتبار. رئيس غرفة التجارة الدولية