عادل القضاه هل أنصفه القضاة؟!
سؤال استفهامي بحت وليس استنكاريا قط، لأنه في الحالة الثانية سيودي بي إلى مصير مشابه لمصيره تحت بند (التشكيك بنزاهة القضاء)، ومعاذ الله أن أشكك بنزاهة القضاء والقضاة! فقضاتنا كلهم في الجنة، مع أن الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى قد قال: "القضاة ثلاثة: اثنان في النار وواحد في الجنة، رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار في الحكم فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار". ولكن أليس قضاتنا على نزاهتهم المطلقة وعدالتهم التامة بشرا يمكن أن يصيبوا ويخطئوا؟! طبعا عن غير قصد! ألم يقل أعدل البشر وأكمل البشر وأصدق البشر صلوات الله وسلامه عليه عن نفسه: "إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو مما أسمع منه فمن قطعت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له به قطعة من النار"؟! ألا يجوز أن يكون شيخ الطريقة الرفاعية (الراحل) ألحن بحجته ومنطقه وسلطته من رجل ألهب الشيب هامته ونحت الدهر تجاعيد وجنتيه؟! كيف تريدون مني ومن أبناء السلط كافة أن يصدقوا أن هذا الجبل الشامخ طوال خمسين عاما في خدمة بلده ووطنه وأمته في كل موقع تكبد مسؤوليته ينحني ليستجدي الدنية بعد أن جاوز الثالثة والسبعين؟!هل تسامى عن الحرام في شبابه ليندلق إليه في مشيبه؟! أم تعفف عنه في "هيئة التخاصية" و"دائرة الجمارك" حيث الغنيمة الباردة ليشتاق إليه في "المصفاة" حيث الغنم غرم وخلف كل عين وأذن ألف عين وألف أذن؟! علمتني الحياة أن "هجين الصنعة" سمين البطن مفجوع لا يشبع، وأسوأ غني فقير مستكبر ثم اغتنى، ولكن صاحبنا ولد وفي فمه ملاعق من ذهب، وأراض لا يقطعها الجواد المضمر في مسيرة كذا وكذا، أفيبيع غني يده وغنى نفسه وغنى شرفه وغنى تاريخه وغنى نسبه وغنى آبائه وغنى أبنائه بفقر السؤال وذل الرشوة؟! ما هكذا يكافئ الأردن أبناءه البررة! ولا هكذا تجزى السلط على حسن صنيعها في تاريخ الوطن باستهداف فلذات أبنائها وعيون رجالها! بالأمس (عادل القضاة) واليوم (أسامة الدباس) وغدا لا ندري من الضحية وكبش الفداء؟! يصول المتنفذون ويجولون في مطاعم لندن وقصور عمّان التي حرثها أبناء السلط زرعا واقتطفها أولئك الأبرياء المبرؤون سمنا وعسلا وضرعا، بينما يقام الحد على الضعفاء الأطهار! وصدق الرسول القائد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم إذ يقول: " يا أيها الناس إنما أهلك من كان قبلكم أنه كان إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وإذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها". إن السلط لترنو إلى سليل سيد الأنبياء وإمام الأشراف والشرفاء ليرفع عنها ليلا طال أمده وظلما ثقل كمده، فالعفو للأبرياء ليس منة، بل هو إحقاق حق وإيجاب واجب، وتحقيق مصلحة ودفع مفسدة، وتهدئة خاطر و ومنع نقمة، وإعزاز عزيز في أهله إعزاز لهم جميعا وإذلاله في أهله إذلال لهم جميعا. والسلط في الآونة الأخيرة تبدو هادئة فوق العادة وغير العادة، فتاريخها القريب والبعيد يسجل بحروف المجد أن السلط وإن صبرت حينا على الظلم فإنها لا تسكت عنه طويلا، وأن المراهنة على طول صبرها وحلمها وأناتها وحكمتها كالمراهنة على البركان العظيم قبل ثورته وانفجاره.