ما بين سطور خطاب العرش السامي

نهج ملكي هاشمي اعتاده الاردنيون في بيت الديموقراطية عند افتتاح الدورات العادية لمجلس الامة، حيث يطل سيد البلاد بكرم هاشمي وموروث بيت نبوي فضيل على شعبه بخطاب ملكي شامل يبين نهج وخطط حكومته في الوطن، ويعرض فيه الماضي والحاضر ومايبني عليه في المستقبل الذي تطمح له حكومة القائد من برامج وخطط وآليات ومشاريع مستقبلية للوطن.
ولطالما كان هذا النهج هو الامل والطموح للشعب مع قائده في تبني الحكومات المتعاقبة ما يتضمنه هذا الخطاب الملكي من رؤى وتطلعات وتوجهات تضع بوصلة العمل وتوجهها الى حيث الاتجاه الصحيح والنافع للشعب والوطن على حد سواء، فوريث السلالة النبوية المطهرة لايوجه ولايطمح الا لخير وطنه واهله وعزوته وعشيرته التي احبها واحبته.
وقد جاء خطاب العرش السامي هذه المرة مختصرا يفهم منه رسالة ملكية مفادها ان اللبيب من الاشارة يفهم، فكم تحدث جلالة الملك في مناسبة رسمية وغير رسمية عن النهج الافضل والامثل للعمل العام وعدم التقاعس والتسمر خلف مكاتب المناصب، بل كان يوجه الى الانطلاق للميدان لتحسس وتلمس حاجات ومشاكل الناس عن قرب وعلى ارضها، ولكن اعادة التوجيه اكثر من مرة مؤشر على ان هنك من يضع الوطن في اخر اهتماماته غير عابيء بما يقوله سيد البلاد من توجيه او نصح او نهج قويم.
نعم جاء الخطاب مختصرا ربما لان قائد الوطن قد تعب من كثرة التوجيه والنصح والدفع بمن يتولى المسؤلية العامة للعمل الدؤوب والمنتمي، فجاء الخطاب بصورة غير نمطية مما اعتاده الاردنيون من صاحب الولاية، وغير مفاجيء لمن يتابع ويراقب احداث الوطن عن كثب، فمن لاتدفعه الغيرة على وطنه والانتماء الحقيقي له لن تؤثر فيه طول الخطابات او قصرها، فالعرب تفهم كلاما تصريحا او تلميحا او ايحاءا او ايماءا او اشارة، وقد ارسل جلالة الملك مضامين نهج العمل وآلياته غير مرة بهذه الاساليب منفردة او مجتمعة لمن يهمه الامر الا ان الفردية والمصلحة الذاتية كانت اقوى وصوتها اعلى من اي صوت او كلام يقال.
والمطلوب اليوم من كل المسؤولين بعد هذه الاشارة الملكية الهامة ان يعيدوا توجيه هوائياتهم تجاه الوطن وان يفهموا الرسالة جيدا، وان العمل العام هو من يستقوي بالمسؤول لا ان يستقوي المسؤول بعمله ومنصبه، وان القدوة لهم هو سيد البلاد الذي يطوف ارجاء الوطن نيابة عنهم في ظل مايحمله من مسؤوليات وهموم داخلية وخارجية، يشارك ويحاور ويتحسس ويتلمس ما استطاع اليه سبيلا ومايسمح به هامش وقته المثقل بكل مايهم الوطن والمواطنين.
الخطاب الملكي جاء باختصار غير مخل ولاتطويل ممل فالحر من طرف الطعام يذوق، والنبيه يلتقط الاشارة مبكرا، والوطن يزخر بالخييرين والمنتمين وهم كثر وكثير، فلتريحوا قائدكم وتساعدوه لتنهضوا بوطنكم فاذا لم تساعدوا انفسكم فلن يساعدكم احد، فكل لديه مايكفيه ونحن الأجدر بذلك لاننا طالما اعتمدنا على انفسنا كثيرا ونجونا واجتزنا ازمة تلو ازمة، حمى الله وطننا وقيادتنا الملهمة.
العميد المتقاعد /الدكتور محمد سند العكايله