أوقفوا قتل الكلاب الكنعانية

في الأسابيع الماضية دشنت صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي تطالب بوقف قتل الكلاب الكنعانية في الأردن، بعد أن نشرت فيديوهات عن حملات قتل جماعي لكلاب في مناطق مختلفة في الأردن، واتهمت بلدية في جنوب البلاد بأنها تتباهى وتعرض صور الكلاب التي تم قتلها بالرصاص دون أن يسألوا ماذا يفعلون؟!.

"هاشتاج" أوقفوا قتل الكلاب الكنعانية، أو نطالب بوضع قانون لحماية الحيوانات قد لا يكون أمراً مهماً أو مثيراً لكثير من الناس، ولكن الدول المتحضرة تولي اهتماماً للرفق بالحيوان، ولا تقبل بأي ممارسات تؤذيها ولا تحميها، ويتعرض من يفعل ذلك لعقوبات مغلظة، في حين أن هناك في الأردن من يذكي حملات قتل الكلاب تحت حجج وذرائع بأنها "ضالة" و"مسعورة"، دون استناد لآراء علمية أو للأطباء البيطريين.
معتقدات ومفاهيم خاطئة وراء قسوتنا وتجردنا من إنسانيتنا ونحن نتعامل مع الحيوانات بطريقة همجية، ونبارك قتلها دون أن نعرف دورها ليس في حفظ هذا الكون وتوازنه، ولكن بفوائد تربيتها على البشر، وتعزيز صحتهم النفسية، ومساعدتهم على التغلب على مشكلاتهم، فالكلاب مصدر للبهجة والفرح والضحك، وطريق الكثيرين لمواجهة الوحدة والعزلة.
في بيتي كلبان منذ سنوات، حين كان أبنائي أطفالاً تعلقوا بهما، وهم الآن شباباً ولا يتخلون عنهما مهما حدث، ويرعون احتياجاتهما، وقد أصبحا جزءا لا يتجزأ من حياتنا جميعاً.
حين نسافر ونترك الكلبين في المنزل تحت الرعاية، يحزنان ويبكيان، وحين نعود لا يتركان مكاناً للفرح والترحيب بنا.
جرّبوا وربوا كلباً في منزلكم وتعلموا بعد ذلك أشياء كثيرة لم تكونوا تدركونها وتعرفونها؟!.
أعجبتني الحملات التي أطلقها شباب وشابات لحماية الكلاب التي تقتل، والتوعية بضرورة تعديل القوانين لحماية الحيوانات والرفق بها، ومن المقترحات المهمة التي يطرحونها أهمية أن توفر الحكومة محميات للكلاب الضالة في كل مكان وتعيد إدماجهم، وتركز على أهمية أعطاء اللقاحات "المطاعيم" للكلاب، ويعلق أحد المهتمين بالكلاب بالقول "سعر الرصاصة التي تطلق على الكلب لقتله أغلى من سعر اللقاح".
لا تنقصنا أراض في الأردن، فأراضي الخزينة تشكل 80 %، وتوفير محميات للكلاب يحافظ على الكلب الكنعاني "البلدي" والذي يعد فصيلة نادرة معرضة للانقراض، وكثيرة هي جمعيات الرفق بالحيوان العالمية التي تهتم بمتابعة هذه الكلاب وتنقلها إلى بلادها، فهذه الكلاب هي الأذكى والأكثر اتقانا للحراسة والأكثر ألفة وتعاملاً مع البشر.
لا يعقل أن يظل الوضع في الأردن على هذه الحال، دعوات لأمانة عمان والبلديات لاطلاق قناصين في المناطق لقتل الكلاب بسبب حادث عرضي هنا أو هناك، والذريعة جاهزة أنها كلاب "مسعورة" دون تدقيق علمي بأن السعار ليس طبعاً بالكلاب، وبأن الكلب "المسعور" لا يهاجم الناس، وأن نباح الكلاب ليس مؤشراً أو دليلاً على انها كلاب مسعورة.
في الامارات وسنداً لقانون الرفق بالحيوان للعام 2007، فإن السجن والغرامة تنتظر منتهكي الرفق بالحيوان، وتنص المادة (14) حسب اطلاعي "بأن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عام وبغرامة لا تزيد على 200 ألف درهم أو باحدى العقوبتين كل من تعدى جنسياً على حيوان، أو أطلق سراح حيوان مريض مع علمه بذلك، أو تسبب في الإضرار أو الحاق الأذى أو الألم أو مضايقة الحيوانات".
اذن الأمر لا يقتصر على اهتمام الأوروبيين والأميركان بالحيوانات وخاصة تربية الكلاب، بل انظروا لدولة مثل تركيا كيف يتنافس الناس على اختراع طرق لإطعام الحيوانات في الشوارع وحمايتها؟.
على الحكومة أن تتدخل حتى لا نتصدر الأخبار بأننا نقتل الكلاب بدل أن نرعاها، وليس غريباً أن يدعم بعض الأجانب حملات على الفيسبوك تدعو السياح لمقاطعة الأردن لانه يقتل الكلاب، ويقول بعضهم نرفض أن ندفع دولاراً في بلد لا يحمي الحيوانات ويرفق بها.
في الساحات العامة في كثير من دول العالم تجد الحمام آمنا، والكلاب تسير بسلام دون ان يزعجها أحد، الا عندنا فإن هناك من يسعد بمطاردة الحيوانات والفتك بها، وهذا سلوك لا يمت لدين أو قيم.

FacebookTwitterطباعةZoom INZoom OUTحفظComment
التعليق