المواطنون لا يتسترون على الخارجين على القانون

انتشرت في السنوات الماضية ظاهرة سرقة السيارات التي عانى منها مئات المواطنين والممتلكات، بالإضافة إلى تجارة الأسلحة والمخدرات في مناطق معينة من المملكة، مما أطلق على تسميتها "البؤر الساخنة"، والتي أصبحت مرتعا للأنشطة غير القانونية. وعادة ما يكون المتورطون أو الذين يديرون هذه الأنشطة من أبناء تلك المنطقة، ويأخذون سكانها كحماية لهم من المتابعة القانونية والقضائية.
ويسود انطباع خاطئ لدى العديد من الناس بأن استمرار هذه الممارسات وعدم متابعة المجرمين من قبل رجال الأمن العام نابع من سببين رئيسيين مترابطين:
السبب الأول: هو أن المواطنين في تلك المناطق يتسترون على هؤلاء المتورطين نتيجة وجود صلات قربى بينهم وبين المجرمين،ما يؤدي إلى عدم تعاونهم مع رجال الأمن العام. والنتيجة أنهم يشكلون حماية للذين يقومون بهذه السلوكيات غير القانونية.
أما السبب الثاني، والمرتبط بالسبب الأول، فهو اعتقاد البعض بأن الأمن العام يتردد في متابعة المجرمين في تلك المناطق أو يغض الطرف عنهم خوفا من الدخول في مواجهات جماعية مع المواطنين، ما يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في تلك المناطق، ويعطي انطباعا بأن الأمن العام يواجه المواطنين بدلا من المجرمين.
إن الحملة التي نفذتها قوات الأمن العام بالتنسيق والتعاون مع قوات الدرك في إحدى المناطق بجنوب عمان، تأتي لتضع حدا لهذه التكهنات غير المبنية على أساس منطقي. ونتيجة لنجاح هذه الحملة، فإنه يمكن الخروج بالاستنتاجات التالية:
أولا: إن المواطنين في تلك المناطق لا يتسترون على المجرمين، حيث إنهم قد يكونون من أكثر المتضررين من وجود هذه الأنشطة الإجرامية في مناطقهم. والتعاون الذي أبداه المواطنون مع رجال الأمن العام، هو أكبر دليل على ذلك، حيث كان من غير الممكن نجاح هذه الحملة من دون تفهم وتعاون المواطنين. وهذه الحالة يمكن التأسيس عليها لحالات مشابهة في المستقبل وفي مناطق أخرى.
ثانيا: إن الأمن العام لا يتردد في تطبيق القانون على أي جهة أو طرف مهما كان لديه من نفوذ اجتماعي أو اقتصادي، وإن التروي من قبل الأمن العام هو من قبيل الحكمة حتى لا يقع ضرر على المواطنين الأبرياء في تلك المناطق. وفي الوقت ذاته، حتى يتم جمع كافة المعلومات الضرورية لنجاح تلك العملية، وعدم انقلابها عن أهدافها في حالة حدوث خلل في التنفيذ.
وخلاصة القول، إننا نلحظ منهجا جديدا من قبل إدارة الأمن العام الحالية، يقوم على مبدأ عدم التهاون مع الخارجين على القانون، وحماية حقوق المواطنين المعتدى عليهم أو المتضررين، وفي الوقت نفسه، اتباع كافة الاحتياطات اللازمة لحماية المواطنين والمحافظة على سلامتهم في تلك المناطق.
إننا نتوقع أن تكون هذه الحملة مستمرة لتطال كافة البؤر التي يلجأ إليها الخارجون على القانون للاختباء والحماية. إن تطبيق سيادة القانون لا يتعارض مع مصالح المواطنين، بل العكس تماما، هو يعمل في ذات الوقت جنبا إلى جنب على تعزيز هيبة الدولة.