«كفى» في جرش و«إلى متى» في الكرك

 

غدا الجمعة ستشهد مدينة جرش اعتصامها الاصلاحي الاول، فقد اعلن قبل ايام عن انطلاقة تجمع ابناء جرش للاصلاح الذي يضم في هيئته التاسيسية مجموعة من الشباب المتعلم والمثقف الوطني، والذي يرى انه قد آن الاوان كي يكون لشباب مدينة العراقة كلمتهم تجاه هموم الوطن.
جمعة جرش الاولى تقرر لها عنوان واسم هو «كفى»، ولعل في دلالات العنوان ما يشي بأن الشباب كانت قد علّقت آمالا عبثية على وعود الحكومة الاصلاحية، وقد ملّت الشباب الانتظار والوعود، فحان الوقت لقول كفى بأعلى الصوت.
أما في الكرك، فقد اختار الشباب مسمى «جمعة إلى متى» عنوانا لاعتصامهم، وهذه الكلمة لا تختلف في دلالاتها عما اطلقه ابناء جرش، فثمة اجماع شعبي وطني على الضيق من الاحوال الحالية، وثمة اصرار على ضرورة التغيير قبل حدوث ما لا يحمد عقباه.
الملاحظ والهام في الحراك الذي نراه على مسرح جغرافيا الوطن الممتد، انه بدأ يتسم بجملة صفات لا بد من الانتباه لها على اعتبار انها ستحكم في النهاية على مصير الحراك ومآلاته.
فمن ناحية نلاحظ ان الحراك يتطور من حالته النخبوية المأزومة (انعدام البدائل) الى حالة شعبية تملك وفرا من الخيارات، فالمحافظات التي يخرج أبناؤها كل جمعة، يميل وصفهم نحو الشعبي اكثر منه الحزبي التقليدي المنظم، وهذه السمة تجعلهم أثقل في ميزان التأثير على صانع القرار.
من ناحية أخرى نرى ان الحراك في مطالبه يتجه نحو التنوع والتدرج وصولا لاقصى الغايات، فنراه وطنيا بامتياز يريد محاربة الفساد، ويريد للبلد ان تحكم بالخيرية وأحسن الادارات وأكثرها عاصما اخلاقيا وكفاءة.
كما أن الحراك يمتاز بالمدنية الفائقة، فترى الشارع يطالب بحقوقه الارتكازية القائمة على المواطنة والمساواة وسيادة القانون وفصل السلطات وأنه أي الشعب مصدرها.
هذا الحراك بصعوده السلمي وامتداده لمناطق كانت في السابق لا تعرفه عميقا، لن يقبل ان تبدد طاقته التفسيرية الى غير وجهتها، انه يريد من النظام التغيير الدستوري الكفيل برد الحقوق للشعب وفتح النظام على المشاركة، وصولا ربما الى ملكية دستورية تحل من اسمها معاني حقيقية.
آن الاوان للسلطات ان تفهم ان التركيز عل الرتوش التجميلية لن يجدي نفعا، وعليها الدخول الى صلب الموضوع وفرصتها في لجنة تعديل الدستور التي قد تنتج لنا أفقا جديدا.. ربما.