تحقيق الاعتماد على الذات في الأردن هدف بعيد المنال


معظم المواطنين في الأردن يتعاطفون مع مطالبة الملك عبد الله الثاني بالاعتماد على الذات في الأردن، ولكن للأسف الأمال كبيرة واليد قصيرة كما يقول المثل الشعبي، حيث لا تتوفر في الأردن مقومات تحقيق الاكتفاء الذاتي سواء ماليا ام غذائيا على المستويين الكلي والفردي للأسباب التالية:
1- مديونية المواطن الأردني تقارب او تزيد على 70% من احتياجاته المالية.
2- نسبة الاكتفاء الذاتي في السلع الغذائية لا تزيد على 16% والأردن يستورد 84% من حاجاته.
3- عجز الموازنة العامة يقارب 8% من الناتج المحلي الإجمالي وهي تقترب من 10% والمعدل الأدنى المقبول عالميا هو 3% من الناتج المحلي الإجمالي.
4- المديونية العامة الحكومية في الأردن 95% وهي تقترب من 100% من الناتج المحلي الأجمالي والمعدل المقبول عالميا هو 60% من الناتج المحلي الإجمالي.
5- العبء الضريبي على المواطن الأردني يتجاوز 25% وهو يقترب من 30% او حوالي ثلث دخله والنسبة المقبولة عالميا لا تتجاوز 15%.
الاعتماد على الذات هي استراتيجية بديلة عن المساعدات الخارجية والاقتراض الخارجي والاعتماد على الاستيراد بدل الاكتفاء الذاتي ولا يوجد بلد في العالم مكتف ذاتيا بنسبة 100% بما فيها أكبر اقتصاديات العالم في الولايات المتحدة والصين والمانيا واليابان، وانما يوجد بلدان تعتمد على الذات بنسب تتراوح بين 50% و أقل من 100% والاعتماد على الذات يستلزم تسديد عجز الميزانية وتسديد عجز الحساب التجاري والحساب الجاري وميزان المدفوعات بالإضافة الى مديونية الأفراد من المواطنين ومديونية الشركات في القطاعين العام والخاص.
تشمل مصادر الاعتماد على الذات الضرائب والإنتاج المحلي الزراعي والصناعي ويتطلب تقليل الدعم الحكومي لأسعار السلع والخدمات الأساسية وعلى رأسها الخبز والمواد الغذائية الأخرى والماء والكهرباء والغاز وتسديد المديونية ويتطلب زيادة الصادرات السلعية والخدمية وهي أمور يصعب تطبيقها على المستوى السياسي والاقتصادي؛ نظرا لحساسيتها لأنها تمس بشكل رئيسي المواطنين في الطبقات المتوسطة والفقيرة الذين يعانون من شظف العيش وتآكل القوة الشرائية لدخولهم.
ليس هناك خطة في الأردن لنحقق الاعتماد على الذات ماليا ولا اقتصاديا فلم تترجم الحكومة المطالبة الملكية بالاعتماد على الذات الى إستراتيجية للاعتماد على الذات في الأردن بل جاءت على شكل مطالبة وخطاب لدولة رئيس الوزراء للفعاليات الاقتصادية أمام الفعاليات الاقتصادية في القطاعين العام والخاص بأن الحل للأزمة الاقتصادية والمالية في الأردن يكمن في الاعتماد على الذات من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة والمواطنين.
تكمن المشكلة في عدم توفر مقومات الاعتماد على الذات في الأردن لا على المستوى الكلي او على المستوى الفردي فأين المفر! الفقر أمامكم والمديونية خلفكم ولم يعد في جعبة المواطنين من زاد يكفيهم واسرهم قوت يومهم فما العمل؟
يكمن حل المعضلة الاقتصادية في الأردن في المدى الطويل للتخلص من أزمته الاقتصادية والمالية في طرق أبواب مجلس التعاون الخليجي مرة ثانية للانضمام اليه وقد يكون الباب ما زال مفتوحا ولم يقفل أمام الأردن والبديل الآخر هو الانضمام الى الاتحاد الكونفدرالي المقترح بين الأردن وفلسطين واسرائيل وهذه مسائل سياسية تحتاج الى الإرادة السياسية والتوافق الوطني للاختيار بين هذه البدائل.
يقول الشاعر العربي المتنبي في هذا الخصوص:
ليس كل ما يتمنى المرء يدركه ** تجري الرياح بما لا تشتهي السفن