قال الناشط السياسي الدكتور سفيان التل إن 'هناك شبه إجماع، بأن البلاد كانت وما زالت تدار بنظام الحزب الواحد، حزب الأجهزة الأمنية الذي احتكر السلطة ومزاولة العمل السياسي والإداري، ولم يسمح لأي مفكر أو ناشط أن يدخل هذا القطاع'.
وأكد التل في ورقة قدمها خلال حلقة نقاش حول الإصلاح السياسي في الأردن نظمها منتصف الأسبوع مركز دراسات الشرق الأوسط، وأدارها رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات، وحملت عنوان 'المطالب الشعبية في الإصلاح' أن التشخيص الحقيقي والصحيح للداء يعتبر أهم عنصر من عناصر العلاج ووصف الدواء.
وأشار إلى حرمان أبناء الأمة الوطنيين من فرصة اكتساب الخبرة في العمل السياسي، واختصارها على الأجهزة الأمنية والعاملين تحت مظلتها، والمتلقين لتعليماتها بحسب التل.
وتابع: 'لجأت هذه السلطات إلى إرهاب حقيقي لكافة فعاليات الأمة التي لم تستسلم لبرامجها ومخططاتها، فلاحقتهم في التعيين والعمل والوظائف والترفيعات والرواتب والتعلم والتعليم والعلاج والتقدم في العمل وتحقيق الطموحات'.
وأضاف التل: 'حتى الذين هربوا من العمل في القطاع العام تجنبا لهذه الملاحقات، لاحقوهم في القطاع الخاص وحاربوهم في أعمالهم وأرزاقهم وتراخيصهم واستثماراتهم'.
وقال التل: 'نجحوا في تدريب وفرض فئة من السياسيين على نهج أمريكي مبرمج؛ لمزاولة الخصخصة، ولكنهم في حقيقة الأمر باعوا باسم هذا التوجه كل مقدرات الأمة وبنيانها الأساس، ولعل ذلك كان برنامجا معدا بعناية للعمل على تصفية الأردن وفكفكته بعد تجريده من مقومات الدولة، كجزء من مشروع الشرق الاوسط الجديد'.
ووفق التل، استهدف المجتمع لخلخلة بنيانه وتماسكه وتم تشجيع وتحشيد التوجهات الاقليمية والعشائرية والجهوية والطائفية وما دون ذلك، وأنشأوا لها مدارس وبرامج ومنفذين.
وأشار إلى استهداف قطاع التربية والتعليم والجامعات التي تحولت إلى مسارح لتنفيذ هذه التوجهات، وكذلك النقابات والجمعيات وهيئات المجتمع المدني، وكل أشكال التنظيمات الوطنية، واستعيض عنها بالتنظيمات المبرمجة والممولة والمدعومة خارجيا.
ولفت التل إلى 'استبعاد المفكرين والمخططين والإصلاحيين وقادة التنظيمات الشعبية والوطنية الذين تمت ملاحقتهم، واستعيض عنهم بفئات متهافتة، وتنظيمات للحزب الواحد، التي تلقت بدورها كل أشكال الدعم الداخلي والخارجي، وفتحت لها الأبواب للجلوس في مواقع القيادة واتخاذ القرار الذي غالبا ما يأتيها جاهزا للتوقيع'.
وأكد أن التحركات والفعاليات الشعبية أخذت تتحدث عن حقوق وليس مطالب، وعن انتزاع الحقوق وليس المطالبة بها.
وحدد التل أولويات للإصلاح تتمثل بضرورة رفع يد الأجهزة الأمنية عن الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والجامعية والنقابية والاعلامية والثقافية والمدنية وحلّ كافة التنظيمات والأحزاب التابعة لها أو التي تعمل بتوجيهاتها وتمويلها ودعمها.
وطالب بحلّ نظام الحزب الواحد وكافة تشكيلاته التي تعمل في الخفاء، وعودة هذه الأجهزة إلى دورها الطبيعي في خدمة الوطن وحمايته.
ومن أولويات الإصلاح، وفق التل التأكيد على عدم مشروعية البرلمان الحالي وحله وإقالة الحكومة لتشكيل حكومة إنقاذ وطني لا تضم أيا من رموز الفساد، لتتولى إدارة البلاد لمرحلة انتقالية، تؤسس لتشكيل مجالس شعبية وطنية انتقالية تضع الأسس والأطر اللازمة لتعديل الدستور، وإنشاء محكمة دستورية، وإقرار قانوني أحزاب وانتخاب يتم التوافق عليهما وطنيا.
ودعا إلى عقد مؤتمر وطني حقيقي، يضم الرموز الحقيقية لهذا الوطن، ويعمل لإقرار الدستور وإنشاء محكمة دستورية، وقانوني الانتخابات والأحزاب، لتشكل هذه جميعها إستراتيجية وطنية حقيقية تعمل على تنمية المستقبل السياسي للأردن، وإعادة سيطرة الدولة على مواردها وقطاعاتها الأساس، واستعادة ما تم بيعه من ثروات ومؤسسات وشركات القطاع العام، وأراضي الدولة وكل ما ترتب على بيعها وتفويضها لغير المستحقين.
وأشار التل إلى أولوية فتح كافة ملفات الفساد، وتحويلها إلى القضاء الأردني العادل، وليس إلى أي جهة أخرى ترتبط بالسلطة التنفيذية، مطالبا بمحاكمة المسؤولين، واسترداد الأموال المنهوبة، وإلغاء كافة الخطوط الحمراء والحصانات التي يتستر خلفها كبار الفاسدين.
كما طالب بإبطال معاهدة وادي عربة، وكل ما ترتب عليها من مشاريع إقليمية مع العدو الصهيوني، والتأكيد على أن للأردن عدوا مركزيا واحدا هو العدو الصهيوني، وإعادة بناء قدرات الأردن القتالية.
ودعا إلى وضع خطة إنقاذ وطني للنظام الجامعي والتعليمي والتربوي، تتضمن مجانية التعليم في كل المراحل، بالإضافة إلى رفع كافة التحفظات الموضوعة على تأسيس نقابة المعلمين، وعلى رأسها حرمانهم من التدخل في السياسة التعليمية.
ولفت التل في سياق عرض أولويات الإصلاح إلى أهمية إعادة النظر بالهياكل الإدارية للدولة وإرساء قواعد المساواة الحقيقية في الحقوق والواجبات لكافة الأردنيين، مبنية على الكفاءة وليس المحسوبية أو الولاء.
وطالب بوقف التحشييد الإقليمي والجهوي والطائفي بين شرائح الأمة، وإثارة بعضها على بعض، وتجريم كل من يثير الفتنة الإقليمية والجهوية والطائفية.
دعا الى تأسيس اتحادات ديمقراطية على مستوى الأردن للشباب والطلاب والعمال والزراعيين بعد رفع يد الأجهزة الأمنية عنها.
وطالب التل كذلك بإنهاء كافة أشكال التعاون الأمني الإقليمي والدولي تحت ما سمي بـ'مكافحة الإرهاب'، وإطلاق سراح المعتقلين على خلفيات غير جنائية مثل معتقلي معان ومن اعتقل بتهمة مجابهة العدو الصهيوني، والاحتلال الأمريكي في العراق.
وأكد أن هذه الأولويات تبقى الطريق الضامن والآمن لبناء دولة مدنية حديثة، قائمة على الفصل الحقيقي بين السلطات الثلاث، بما يمنع تغول السلطة التنفيذية أو أي فرد على السلطتين التشريعية والقضائية، وللتداول الحقيقي على السلطة، وعدم احتكارها من أي جهة كانت.
ووفق التل، فإنها تضمن سن قوانين وتشريعات ديمقراطية للانتخابات والأحزاب وقوى المجتمع المدني وتطويرها حسب مستجدات العصر، وتضع حدا للتغول على المال العام، وتضمن ملاحقة الفاسدين وتقديمهم للقضاء، واسترداد أموال الأمة.
وقال إن هذه الأولويات تضمن هوية الأردن العربية وفك التبعية، ومواجهة الخطر الصهيوني، وتعزز ثقافة المواطنة والمساواة والعدالة، والتحرر من الخوف.
قال رئيس الوزراء الاسبق احمد عبيدات أن من قواعد وأسس الجبهة الرئيسية المحافظة والدفاع عن شرعية النظام الهاشمي حتى لو كان ذلك بحماية النظام من نفسه وأننا سائرون في طريق الإصلاح بمختلف الوسائل.
وطالب عبيدات بتشكيل نقلة نوعية نحو الاصلاح الجاد بعيدا عن ضغوطات قوى الشد العكسي التي تحرص على نفوذها ومصالحها اكثر من حرصها على الوطن ومستقبلة مشيرا الى أهمية اجتثاث رموز الفساد والمفسدين في خطوة نحو البناء الاصلاحي من اجل مستقبل البلاد .
واضاف عبيدات في محاضرة له في مجمع النقابات المهنية في اربد مساء الثلاثاء دعت اليها الجبهه الوطنية للاصلاح وحضرها نحو 800 شخص يمثلون مختلف الفعاليات ، ان المرحلة الحالية للبلاد تستوجب تفعيل القوانين وتعزيز دور القضاء باستقلالية تامة حتى يتمكن الجهاز القضائي من اخذ دوره الطليعي في محاسبة ومعاقبة الفاسدين ضمن اطر القانون ، مبينا انه ولغاية هذه اللحظة لم يتم اتخاذ اي خطوات عملية تتجه نحو الاصلاح الحقيقي .
وبين عبيدات أن عملية الإصلاح التي تحدثت عنها حكومات ما هي الا وصفات لا تؤد الى نتائج مبقية العلة المرضية في مؤسسات الدولة على حالها من حيث استشراء الفساد والمحسوبيات على حساب مصالح الوطن .
ودافع عبيدات عن جهاز المخابرات العامة زمن توليه ادارته وما بعد ذلك، مبينا ان جهاز المخابرات عمل بشكل فعال من اجل الوطن ومصالحه ولم يكن يوما بعيدا عن عروبته وقوميته، نافيا بشدة ان يكون الجهاز عاش اوقاتا فاسدة من الناحيتين المالية والادارية .
واضاف ان في جهاز المخابرات من خيرة الخيرة من ابناء الوطن وهم يعملون بشكل عال من المسؤولية الوطنية والقومية، غير إنه قال في ذات السياق لا بد من مراجعة شاملة لنفرقدموا مصالحهم على مصالح الوطن العليا .
وانتقد عبيدات أداء الحكومات المتعاقبة في خطوات العمل والاصلاح وصل الى غالبية المؤسسات لا بد من وقفة ضمن رؤية اصلاحية تعيد للدولة قامتها وتحاسب الضالعين في الفساد وتعيد حساباتها وتمنح اولوياتها لعملية اصلاح حقيقي بعيدا عن التغيير في الاسماء والاشكال مبينا ان الامر يتعلق بتغيير النهج في الاداء .
وبين رئيس الوزراء الاسبق الراع الحالي لفكرة الجبهة الوطنية للاصلاح ان الاردن بكل مكوناته الفكرية والثقافية الاجتماعية يتطلع إلى إصلاحات حقيقية تتعلق بالسياسة والاقتصاد والادارة والتعليم والصحة وسائر مؤسسات الدولة حتى تمكن الدولة من القيام بواجباتها تجاه الطبقات الاجتماعية المختلفة ودونما تمييز .
وكانت الجبهة الوطنية للاصلاح في محافظة اربد قد اقامت هذه المحاضرة وسط حضور كثيف من مختلف الفعاليات الاجتماعية والوطنية في اقليم الشمال بقصد اشهار الجبهة في المحافظة والمباشرة بترتيبات لعقد مؤتمر وطني خلال الاسابيع المقبلة .
وردا على سؤال من الحضور، عن ما فعله أبان توليه بعض المناصب في الدولة الأردنية، ولماذا دافع عن البطيخي المتهم بقضايا الفساد، قال عبيدات أن سؤال الأخ غبي و الأغبى منه من وضع هذا السؤال.
وأشار إلى أن هذا السؤال من جهة معينة و يوجه له في اغلب الندوات التي يعقدها في مختلف المحافظات.