معقول يا زلمه فش عندك سياره

تجاذبت أطراف الحديث مرة مع أحد مدراء العلاقات الدولية لمصرف الماني، قبل الخوض بتفاصيل العلاقة المصرفية بين مؤسستينا وسبل تطويرها، وكان من بين الموضوعات التي تمت إثارتها موضوع المواصلات العامة، والإزدحامات المرورية الخانقة في جميع العواصم العربية، وقد أرجع ذلك الى مسألة باتت معروفة للجميع و هي رداءة الإدارة أو سوء التخطيط بل ضعف التخطيط الإستراتيجي و تطبيقاته الذي يتناول معظم الأمور التي تمس المواطن في حياته اليومية.

 

إتفقنا على أن الإزدحامات المرورية تؤدي، بشكل عام وبدون الدخول في التفاصيل، الى هدر للوقت والمال والجهد و العلاقات الإنسانية و تزيد من حدة المشاكل النفسية و غير النفسية أي البدنية.

 

الملفت للنظر أن المدير المذكور، الأعزب، المقيم في إحدى مناطق مدينة فرانكفورت لا يمتلك سيارة خاصة مثل كثيرين في أوروبا، لأنه يعتمد إعتمادا كليا على شبكة المواصلات العامة الكفؤة و الفعالة هناك، وعندما يزور والديه يستأجر سيارة لمدة أسبوع بغرض المتعة و المحافظة على الخصوصية فقط.

 

شبكة المواصلات الكفؤة و الفعالة تخفف عن الوطن نسبا لا بأس بها من التلوث البيئي القاتل، وتوفرعشرات ملايين الدنانير التي تنفق على مشاريع معالجة الزحام المروري،  وتقلل من تكاليف صيانة الطرق و مراقبة السائرين عليها و التعامل مع ما ينجم عن سيرهم بسياراتهم، ناهيكم عن شبح فاتورة الطاقة، وعلى صعيد الأفراد تعفي الأسر من تسديد أقساط شهرية مؤرقة، وتبعد عنها شبح مسؤولية الحوادث المرورية المرعبة،  وما ينجم عنها من إعاقات وتعويضات وتكاليف معالجات طبية ، وتكاليف الوقود و الرسوم الحكومية والصيانة الدورية، وغير ذلك كثير.

 

عموما، تبقى هناك أيضا مشكلة ثقافية معقدة في دولنا : هات إقنع فلان ما يكون عنده سيارة فش مثلها بالبلد، و هات إقنع علان ما يكون عنده سياره حتى لو كانت كُركعة لو صلحُت شبكة مواصلاتنا، بل و هات إقنع الحكومة تقعد معانا عشان نحل هاي المشكلة ملعونة الــحِــرْسِهْ من ساسها لراسها !

 

فقرة أخيرة: ذهبتُ ظهر هذا اليوم لإحضار حفيدتيّ من الروضة، وقد إستوقفتني إمرأة كانت تسير بالقرب من الروضة و سالتني : " هل يمر الباص من هنا ؟ ". أجبت: " للأسف لا يمر، عليك المشي في هذه الاجواء الصيفية الحارقة نحو الفي متر من هنا لتصلي أول موقف باص ".