الإنذار: من الذنيبات للرزاز للبنك الدولي



في أيلول 2014 فاجأ الوزير السابق الدكتور محمد الذنيبات المجتمع وأركان الدولة بأن « نحو 130 الف طالب في المراحل الابتدائية لا يجيدون القراءة والكتابة والعمليات الحسابية»، لاحقاً وبعد أقل من عامين وفي حفل إطلاق الوثيقة الوطنية للموارد البشرية، كاشفت جلالة الملكة رانيا الجميع وأمام الملك بأن « 80% من طلبة الصفوف الثاني والثالث هم دون مستوى مرحلتهم في القراءة، وأن كشوف علمية تقول إن 90% من التطور الدماغي للأطفال تحصل قبل سن الخامسة، بينما هذه النسبة من التطور لا تزيد في الأردن عن 2% حتى سن الثالثة، وعن 28% بين سن 3-5 سنوات.»
كان هذا النقد من الداخل، قبل أن يأتي تقرير البنك الدولي الصادر مؤخراً عن حالة التعليم الأردني ليقدم حقائق مؤلمة عن تدريب المعملين وتعاملهم مع التحديات في الغرفة الصفية، وعن تطوير المدارس وصيانتها وعن التفاعل بين الطلبة والمدرسين وعن جدية الطلاب وتفوق الطالبات، وغيره من الحقائق الكثيرة المؤلمة.
نعم التعليم في خطر، ومعنى هذا أننا كلنا في خطر، فكل ما انجزناه أشعر أنه مهدد، وأشعر أن ما كان يحدث من معارك التطوير التربوي، وغيره وما كان يشهده المجتمع من اصطفافات، كان سبباً مضاعفاً لكل التراجع الذي شهدناه ونشهده، وجاء البنك الدولي لينذرنا بأننا نسير بالاتجاه الخاطئ.
لذلك، أنا مع الإصلاح المباشر، وعدم الانتظار وإذا بقينا نراعي رضى هذا التيار السياسي أو غضب ذلك التيار، فإننا لن ننجز الكثير، والمطلوب أن يجلس الجميع على الطاولة متحررين من الأيدولوجيا والحسابات الفكرية والخروج بخطة اجرائية سريعة.
في التعليم ينبغي أن لا ينتصر أحد على أحد، الإخواني والسلفي والليبرالي والقومي، عليهم ترك كراسات ونشرات الحزب خارج قاعات الاجتماعات، وأن يجلسوا مع د. عمر الرزاز وكل المعنيين، بحب واخلاص للوطن وللمستقبل، لكي نخرج من النفق.
للحق نقول: إن المعلم لكي يبدع يحتاج لدخل أفضل، وطالما ردد الجميع أن راتب المعلم المقسوم بين افراد اسرته وضرورة ظهوره بمظهر لائق وحياة كريمة، لا يحقق له أي شيء من ذلك؛ المعلم مرهون للبنك والجمعيات الشهرية ورسوم الأبناء في المدارس والطبيب والجامعات. ولابدّ من اتخاذ اجراءت سريعة، بما يتعلق بحياة المعلم ودخله، وتدريبه وتطوير قدراته.
نعم البنك الدولي قدم العلل وشخصها، لكننا في الأردن نعرفها قبل ذلك، وجرس الإنذار أطلق أكثر من مرة، ولكن للأسف الإجراءات على الأرض كانت سيئة والمخرجات أسوأ، وأخيراً ليس كل ما حدث من تطوير للمناهج جيدا، وقد حدثت د. الرزاز بمنهج التربية الوطنية للصف التاسع وهو جدي لكنه، مخرج تطويري مؤسف يقدم معلومات خاطئة.
صحيح أننا نمضي لمغادرة الثانوية وإصلاحها وهو أمر جيد يسجل للحكومة ووزارة التربية، لكننا أخطأنا وأربكنا المجتمع في قضايا تربوية، لم تأتِ إلا بمزيد من الخسارات والتراجع.
وختام القول، بغض النظر عن أزمة اللجوء السوري، فإن التراجع كان قبلها، كانت الثانوية تحولت إلى وعود «وشوربه وفوضى» ونذكر مشاهد الاجابة عبر مكبرات الصوت عام 2009 و2010 ونذكر الفوضى وفرض القرى على الوزارة بفتح قاعات في القرى، لذا ليس اللجوء السوري هو قميص عثمان، فما حدث ويحدث أننا تراجعنا ونختبئ بفشل سياساتنا بالظرف الإقليمي، نحن حصلنا على إنذار من البنك الدولي مع قرب نهاية العام، فهل نعتبر؟