الجاذبية و علاقتها بالوعي الانساني و السعادة الحقيقية
اذا عرفنا ان الانسان جزء لا يتجزا من هذا الكون , فقوانين هذا الكون تنطبق عليه حتما, و فهمنا لهذه القوانين و النظريات التي تحكم و تسير الكون ستجعلنا بلا شك ندرك و نفهم القوانين التي توثر و تحكم سلوك و دوافع الانسان.
فقانون الجاذبية الارضية الذي يوثر على كل الموجودات في هذا الكون ضمن عاملين مهمين : عامل الكتلة والمسافة يجعلنا نجد بما لا يدع مجالا للشك ان قانون الجاذبية الأرضية ينطبق على النفس الانسانية وعلاقتها بالحياة .فما تسارع الانسان من رغبات و مشاعر وحركات جسدية لا ارادية التي تغطي حياته بطريقة ميكانيكية الا صورة مشابهة لتسارع كتلة جسم ما وبقوة الجاذبية نحو الارض .
ان اي كتلة جسميه تتحرك بطريقة ميكانيكة منفعلة تخضع لقانون الجذب بين قوتين او جسمين (الجسم الصغير يتحرك و ينجذب الى الجسم الكبير) و فهمنا لهذا القانون يجعلنا ندرك باننا نحيا حياة نتحرك و ننجذب بشكل اكبر ممن نعتقد , نحيا حياة ملؤها العادات و الاندفاعات اللاارادية .
الحياة تنجح بان تجذبنا اليها طول الوقت , فقدرتنا على تشكيل العادات هي ميزة وضعت في الانسان لكي يتفوق و ينتصر على الصعوبات و الشدائد .وكذلك الرغبات المتعددة المتعلقة بالاكل و الجنس و الراحة تلعب دورا قويا لبقائنا واستمرارنا على هذه الارض او الحياة .
العادات تتشكل كطبقات تتراكم في سلوكه و افعاله تلتف حول الشخص حتى يكاد يصبح هو ذاته مجرد عادة ! و ما ان تراقب نفسك قليلا لتدرك هذه الحقيقة ستدرك الكم الهائل من العادات و ردود الفعل الميكانيكية للمسثيرات التي حولك و في محيطك و بيئتك سواءا على مستوى الحركات الجسدية او الانفعالات العاطفية التي تلعب بنا كما الدمى و على مستوى الافكار التي تقتحمنا و بشكل لا ارادي فرؤية مشهد ما سيجعل الافكار تتدفق قي عقلنا و تثير عاطفة معينة مصاحبة لانفعلات جسدي فسيولوجية محددة و كل هذا يحصل دون سابق انذار و بلا حتى ان نقرر ذلك!!
اذا نحن نولد ونعيش و نموت ضمن قوانين تسيطر علينا .
اذا ادركت هذه الحقيقة سيكون لك القرار ! اما ان تبقى كما انت تعيش في وهم معتقدا انك انسان قادر و واعي و تعيش حياة ميكانيكة تخضع لكل المؤثرات التي حولك سواءا عرفتها ام لم تعرفها – و ايضا سيؤثر فيك الاخرين و ستتاثر بهم و بسلوكهم مما يدفعك الى تبني مشاعر سلبية متنوعة و الى ضعف في انتاجيتك و عدم وجود اي نواة ابداعية في حياتك
او ان تمشي خطوة مهمة الى التحرر من التاثيرات المحيطة بك وان تتحرر من قوة الجاذبية التي تجعلك تتهاوى و تتسارع مبتعدا عن ذاتيتك و روحك الحقيقة .فالقمر يقف على مسافة محددة من الارض يقاوم جاذبيتها و لا ينفلت مبتعدا في غياهب الفضاء يقاوم ليحافظ على شخصيته و تمييزه ان جاز التعبير.
ان قوى الجذب التي تمارسها الحياة علينا تجعلنا نتاقلم مع المحيط لنستطيع العيش و التكاثرعلى هذه الارض ,لنستطيع التاقلم و النجاة.و تلك هي جذور المعاناة لدى الانسان!
الانسان يمتلك خصائص مذهلة كالحواس الخمسة و العقل و العاطفة و هي وسائل تساعدنا كي ننجو و نتاقلم , كي نسيطر على حياتنا .
و تساعدنا هذه الخصائص على ان نشكل عادات لسببين مهمين الاول هو الحصول على السعادة و اللذة بارتباطنا بما نرغب ولان تلك السعادة سطحية و ضحلة تجعلنا نعيد الكرة مرة تلو المرة .و السبب الثانية هو توفير الجهد فتدخل العادة في مستوى الحركات اللااردية حتى تمكننا من التركيز على شيء اخر(كقيادة السيارة مثلا) و ههكذا حتى تثقلنا العادات و تزيد كتلتنا النفسية مما يجعلنا تحت قانون الجاذبية ففتسارع انفسنا نحو الحياة مبتعدين عن ذاتنا الحقيقية!
العادات ترفع هرمون السعادة (الدوبامين) داخلنا و قد تتطور العادات الى ادمان ايضا بحثا عن مزيد من هرمون السعادة . ان تفاعل اعضائنا الجسمانية مع محيطنا ينتج هذا النوع من السعادة فالعين مثلا تجد سعادتها فيما ترى فهذا النوع من السعادة الذي يعتمد على مؤثرات خارجية هو نوع مؤقت يبقى ببقاء المؤثر و يزول بزواله فكلما ارتبطنا بمؤثرات خارجية كلما عشنا تلك السعادة الزائفة التي تتحول الى معاناة و قلق و اكتئاب كونها سعادة زائلة غير مقنعة تاتي من نفس خادعة خاضعة لقوى الحياة الجاذبة.
اما السعادة الحقيقة تاتي من نفس حقيقة لا تعتمد على مؤثرات زائلة , فاذا تخلصنا من عاداتنا ومن كل ما هو متعلق بمؤثرات زائلة ستبقى نفسنا الحقيقة خفيفة لا تثقلها الحياة بقواها الجاذبة و تلك الخفة تبعدنا و تخفف علينا تسارعنا نحو الحياة كما يقول قانون الداذبية الارضية.
من كتاب " ضد الجاذبية" ل الدكتور الصيدلي شادي عبيدات
سننقاش في المقالة الثانية القوى الجاذية المؤثرة على الجسد , العاطفة و العقل بالتفصيل.