أيها المطار.. كفاك اختطافا وانتشالا للأحباب!!

 

"المطار" .. ذلك المكان الذي يمثل محطة إقلاع ووصول الطائرات ويتدفق إليه البشر مراراً وتكراراً من كل حَدْبْ والذي يعتبر بدوره من أبرز المعالم الحضارية وأهم المراكز الحيوية التي يجب أن تتواجد في كل دولة في العالم مهما صغرت ومهما بلغ ضعفها وفقرها  باعتبارها معابراً أساسية لنقل الركاب والبضائع بل ونقاطاً حدودية بين بلدان العالم المختلفة.

لطالما أدهشنا ذلك المكان ليس بتصاميمه وتقنياته وهندسته فحسب بل بحركة البشر داخله التي تشبه إلى حد كبير حركة خلية نحل وبذلك الجو الغريب العجيب الذي يخيم على صالاته فهو بالأحرى محطة ازدحام لخليط من المشاعر والأحاسيس التي تسكن قلوب كل من المسافرين وذويهم .. في المطار زحام من نوع مختلف انه "زحام المشاعر وسط زحام البشر" !

 نعم في المطار وحده تتمازج المشاعر وتتفاوت الانفعالات ما بين فرح ولهفة وشوق وترقب على بوابات المسافرين القادمين إلى ارض الوطن الحبيب .. وما بين حزن وألم وفراق ووداع على بوابات المغادرين المغتربين عن وطنهم وأهليهم إلا أن القاسم المشترك بينهما الدموع التي تذرف بصمت وسخاء منقطعا النظير - لا شعورياً - في كلتا الحالتين لتعبر عن شدة الفرح بعودة الأحبة أو شدة الحزن لفرقاهم!

حتماً ليس في الوجود شئ أجمل من فرحة اللقاء بمن نحب عندها يخفق القلب فرحاً ويتراقص بهجةً وسروراً وتشرق أيامنا بأجمل اللحظات وأسعدها إنها حقا فرحة لا نظير لها .. وبالمقابل ليس من شئ أقسى من الحزن الذي يلوع القلب وأصعب من الألم الذي يدمي الفؤاد عند لحظات وداعهم .. في المكان ذاته لحظات سعيدة وأخرى حزينة .. دموع فرح ودموع حزن .. يا لها من محطة غريبة عجيبة!

جميعنا يعرف المطار وسبق أن تردد عليه لكن من منا حاول التمعن في أجواءه حيث الكثير من القصص والمشاهد الإنسانية التي تراها حولك وتتجلى فيها فلسفة الحب والحياة .. نعم في هذا المكان تحديداً كيف لا وهو الذي يلم شمل الأهل والأحبة ويفرقهم ويشتتهم بذات الوقت!

جموعٌ غفيرة تراهم حولك منهم من ينتظر قريباً أو حبيباً أو صديقاً بعد طول انتظار وليالٍ سرمدية ولم تسعهم الأرض من فرحة اللقاء .. وجموعٌ أخرى تودع رائحة الأحبة التي تختزن

رائحة الوطن تتصبر وقلبها يتفطر على الفراق ضاقت عليهم الأرض بما رحبت من شدة الحزن وكأن كل شئ حولهم ينوح حتى الأنوار والمقاعد والعربات .. لعمري إنها للقاءات ووداعات مثقلة بالمشاعر!

لا شيء يؤرقني أكثر من زيارة المطار فأحمل همي وهم كل من رأيت حولي
وفي النهاية لا يسعني إلا أن أقول : "أيها المطار كفاك اختطافاً وانتشالاً للأحباب " ... !

 

هنادي علي أبو الراغب

Hanadi_abualragheb@yahoo.com


 

للمزيد من مواضيعي