في حوار مع أخبار البلد التربوي احمد نجم أبو إياد : لو كان التوطين في عقل أي فلسطيني لما استشهد قيس أبو الهيجا لأجل حق العودة

 

 

اخبار البلد- حاوره - عمر شاهين- احمد نجم أبو إياد من الشخصيات المعروفة جدا في محافظة الزرقاء بعد أن استمر في العمل بمدارس وكالة الغوث كمدرس ومدير لمدة ثلاثين عاما تنقل بها بين مدارس الوكالة في المحافظة ، وتسلم إدارة نادي العودة الرياضي، ونشط في العمل الانتخابي وناضل سياسيا لأجل تثبيت حق العودة. وهو خطيب مفوه لديه القدرة على جذب مستمعيه وتركيب جمله بصياغة فكرية مدهشة تتشابك مع الأحداث، ولا يترك جلسة خاصة أو عامة إلا وتكون فلسطيني وحق العودة حاضران في كلماته.

وفي نفس اللحظة يجمع ذلك الشعور بمتابعة حثيثة لما يحدث في الأردن بطريقة مميزة تفرق بين محاربة التوطين والحفاظ على حق العودة وبين أن تكون أردنيا أصيلا تغار على هذا الوطن وتسعى إلى تفعيل ناشطك ، هذه النقاط التي خضتها في حواري مع مربي وناشط سياسي واجتماعي يتقن الإجابة . وتقديم ما نود أن نضعه .

عمر -يعجب كل من يسمع خطاب الأستاذ احمد نجم " أبو إياد" وبلاغتكم في الكلام وقبل الحديث  أود أن تطلعنا عن  احمد نجم ؟

نجم - ولدت في الرملة عام 1948 . بدأت حياتي المهنية معلما في وكالة الغوث 1968 مدارس الزرقاء قضيتها بين مخيمات منطقة الزرقاء، ،  ومن ثم أصبحت مديرا لمدارس لمدة عشر سنوات.

 عمر- هاجرت من فلسطين وعمرك شهران ونشأت في الخليل وأريحا ومن ثم بعد النكسة في الزرقاء هل شكل هذا وعيك السياسي ضمن المعاناة ولأرض أبعدت عنها مرتان؟

 نجم - الانتماء السياسي تشكل معي مبكرا ، ونحن في منطقة اريحا قبل النكسة، حيث شكلنا مجموعات طلابية كان الهدف منها نشر الوعي الثقافي والسياسي لأجل تحرير فلسطين وكان ذلك عام 1964.

هل هذا كان تنظيما سياسيا أم حماس شبابي ؟

نجم - كانت بدايات للعمل المنظم الفلسطيني، وأطلقنا عليها أسماء مثل جبهة تطهير فلسطين، و انحصرنا في مرحلة الإعداد، ومن ثم انضممنا مبكرا لجبهة التحرير الفلسطينية والتي كانت أساس للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.حيث كانت لدينا اتصالات مع أبناء الشهيد عبد القادر الحسيني المنتمون لتنظيم فتح، ولم تكتمل تلك اللقاءات بسبب النكسة.

 

– هل هذا دعمك بالانتقام للأرض أم أصبت بداء النكسة  ؟

- كان ردة الفعل الالتحاق بالعمل الفدائي كطريق لتحرير فلسطين. وعلمنا بالتوجيه السياسي والتنظيمي وإعداد الكوادر المسلحة، وتثقيف الطلاب سياسيا، حتى يصبح انتماءه لفلسطين.

 

-بعد انتقال الفدائي والتنظيمي إلى لبنان هل بقيت التعبئة النضالية الموجودة في مدارس الوكالة؟

- كانت مدارس الوكالة حصنا منيعا كمراكز أشبال وإعداد لمستقبل القضية والتحق العديد من أبناء وكالة الغوث في العمل النضالي منهم الشهيد سعيد الحوتري.. قائد أول عملية شهادة الغوث، وأبطال عملية نهارية ومعالوت .

 

-كيف تواصلتم مع الشباب خارج نطاق المدارس ؟

تواصلنا مع الشباب من خلال المراكز والأندية الشبابية  ففي الأردن يوجد 14 مخيم في وفيي كل مخيم نادي وكان نشاطي واضحا في نادي العودة - كنت أدير النادي ومقرر لجنة الأندية في الأردن –و  شكلنا لجنة توثيق لكل الأندية كان همها دعم الثقافة الوطنية من اجل أن تظل البوصلة متجهة إلى فلسطين رغم الشتات وأصبحت رئيس لنادي العودة من عام 1990 حتى عام 1992 حيث كان النادي مركز إشعاع وطني لكل المواطن في شرف النهر وغربه ومركزا لكل الهيئات الفعاليات الوطنية رغم أن وكالة الغوث كانت لا تسمح للنازح – مهجري عام 1967 أن يكون عضوا عاملا في هذه المراكز والمخيمات. وكان جهدنا منصبا في هذه المراكز والأندية من اجل خلق جيل وطني لا ينسى مواطنته، وقضيته الوطنية المركزية. والتي نأمل اليوم أن تعود هذه المراكز والأندية إلى مهمتها ورسالتها في دعم مسيرة الشباب على قاعدة نبذ التفرقة والإقليمية والجهورية على كل الأصعدة الرياضية والثقافية والاجتماعية والسياسية.

- في ظل تذويب القضية الفلسطينية هل تجد المخيمات احد ثوابت حق العودة؟

المخيم شاهد على عصر الجريمة الصهيونية، وحاضن لمدارس وكالة الغوث، وقد خضنا معارك مع الانروا لان همهم كان فقط تعليم وإغاثة وتشغل الفلسطيني وتوطينه، حيث مراكز عمليات وكالة الغوث، سواء في الأردن أو سوريا أو لبنان مما جعلنا نخوض معارك كبيرة جدا، مع الإدارة الأجنبية لوكالة الغوث ، وان المدارس هي مصانع للرجال والأشبال من اجل اللحاق في الثورة الفلسطينية التي تعمل من اجل تحرير الأرض والإنسان..على قاعدة حق العودة والتحرير.

 

- طوال أربعة عقود قضيتها في وسط المخيمات هل حافظ على طرح مرجعي سياسي ؟

- بوصلتي السياسية لم ولن تتغير فانا اعتبر أن الصراع بيننا وبين اليهود صراع وجود، وليس حدود، وان كل الاتفاقات من كامب ديفيد مرورا بأوسلو ووادي عربية هي اتفاقيات ذل وعار.

- ولكن من خلال معرفتي السياسي بك أجد انك تميل لحركة فتح وهذا واضح في خطاباتك وحديثك الجماهيرية، ومن وقع تلك الاتفاقيات هي منظمة التحرير التي يقودها ياسر عرفات وهو القائد العام لحركة  فتح ؟

- حركة فتح لم ولن توقع اتفاقية، مع العدو الصهيونية، فحركة فتح حركة وطنية وقومية من اجل تحرير فلسطين، ولكن حينما التحق ياسر عرفات بركب كامب ديفيد ووادي عربة، كان مضطرا أمام الخذلان العربي الرسمي. حيث أن ياسر عرفات  هو القائد الفعلي للكفاح المسلح الفلسطيني الذي يهدف إلى تحرير كل فلسطين وهذا الخذلان الرسمي والعربي هو الذي جعل ياسر عرفات بصفته رئيس السلطة يوقع اتفاقية الذل والعار بعد أن اجبر بمغادرة فلسطين ومحيطها من دول الطوق.

- ما هي وجهة نظرك في استغلال تديين القضية الفلسطينية مع بداية  الانتفاضة الأولى عبر حركتي الجهاد وحماس وإظهار الغير بأنها حركات قومية وليست إسلامية؟

- بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في بديات تسعينات القرن الماضي كان المطلوب أمريكيا ظهور حركات دينية فلسطينية مدجنة ومسيسة بإسلام ناعم بديلا لمنظمة التحرير الفلسطينية والفصائل مما تساوق بتفاهم مع الأنظمة المعادية لمنظمة التحرير ، وطهرها الكفاحي مما جعل وخلق حاضنة كبيرة ...لظهور حركة حماس، كمشروع أممي إخواني، بقرار التنظيم العالمي لحركة الإخوان المسلمين، والجناح التنفيذي في الأردن لحركة الإخوان، باعترافات إبراهيم غوشة في كتابه، المئذنة الحمراء وهو ناطق رسمي باسم حماس لعشر سنوات.

- هناك من يقول ذهبت حركة فتح للسلام والتفاوض مع إسرائيل فخرجت حماس للمقاومة؟

 

- حركة فتح لم تسقط الخيار العسكري، حتى في مؤتمرها السادس الذي عرض في بيت لحم، وأنا احد أعضاءه الذين لم يشاركوا في هذا المؤتمر لأسباب سياسية وتنظيمه واضحة، وتم شرحه في لقاءات جماهيرية كثيرة حيث لا حرية تحت الاحتلال وان المؤتمر كان يراد به المزيد من تأييد القيادات الفتحاوية التي تنسجم مع رؤية وأهدف ورسالة أوسلو. وجر حركة فتح بان تكون بديلا لمنظمة التحرير خارج رؤية الميثاق الوطني الفلسطيني بان منظمة التحرير الشرعي والوحيد لعموم الشعب الداخل والشتات بما فيها الأردن.

-هل تجد أن حركة فتح تعرضت لحرب إعلامية للتحريض ضدها وتصويرها كأنها حركة معادية للفلسطينيين ؟

-أولا حركة فتح تعرضت لظلم كبير إعلاميا وسياسيا وتضليل للرأي الشعبي، من الأنظمة الرسمية وإعلامها، الممثل في الجزيرة وفضائية حماس ( الأقصى) وإعلام حماس الورقي والالكتروني وعبر المؤتمرات الإسلامية، ويكفي الدلالة أن حركة فتح في عدوانها الأخير على غزة قدمت 98 شهيد ولم يبرز هذا في الإعلام.

 - هل تعتبر حركة حماس مقاومة أم تنظيم سياسي دكتاتوري يفرض سيطرته على غزة؟

- حركة حماس في سيطرتها على غزة حركة غير ديمقراطية وكانت موجهة من الخارج . والدليل على دكتاتوريتها  انفرادها باستعمال السلاح في غزة، ولو استخدمت فتح الرد بالمثل لسال الدم الفلسطيني، بين الأشقاء، وفي غزة اصطدمت مرارا وتقاتلت مع الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، والجبهة الديمقراطية على قاعدة الاحتواء أو الإقصاء. وهي لا ترى إلا العين الأمارة بالسلطة وهذا نقيض لحركة فتح التي وحدت مؤسسات وفصائل الثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها وحتى هذه اللحظة في قيادة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج؟

-أمام توسع الاستيطان وتعنت الصهاينة في حل سلمي وانغماس  الخارج الفلسطيني في الشعوب الأخرى ولأنك علمت عشرات من أجيال الطلاب الفلسطينيين هل تجد أن الأجيال تنسى قضيتها ؟

-مدارس وكالة الغوث كانت القاعدة المتقدمة بمراكز الأشبال والإعداد لجيل يحمل مهمة تحرير فلسطين واصدق الأمثلة ، ما حصل يوم 15/5 حيث قاد الشهيد قيس أبو الهيجا ابن الزرقاء خريج مدارس وكالة الغوث والذي قاد يوم 15/5 2011 مسيبرة العودة ومات شهيدا وهذا دلالة أننا نجحنا في إعداد جيل إدراك وفهم  أن الصراع بيننا وبين اليهود هو صراع وجود لا حدود.

 

-هناك هجرة واضحة من المخيمات مما يعني تذويب الشخصية الفلسطينية ونسيانها لحق العودة؟

-أولا كما قلت سابقا أن المخيم شاهد عصر وخيارات الشعب الفلسطيني سواء كانت داخل المخيمات، أو خارجها فلن يغير بوصلته، في تحرير فلسطين وحق العودة المقدس رغم أن الاتفاقات السلمية العربية وعلى رأسها وادي عربة تدعو إلى توطين اللاجئين وهذا يكذب كل من يقول رسميا وشعبيا أن الفلسطيني في الأردن يريد وطنا بديلا!!!

-لو دفع لك مئة ألف دينار للتنازل عن حق العودة وتبدى وعائلتك ببناء حياة جديدة هل توافق؟

-أولا عليك أن تعلم أن جوابي  كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم :" والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر وملكوني ملئ الأرض ذبها ما استبدلت شبرا من ارض فلسطين ، بغيرها ، ويكفينني شرفا أن والدي استشهد يوم 15/ 5 1948 وان والدتي قد توفيت في 15/5/1995 وهذا نداء من الله وعهد أن أظل حاملا قناعاتي في أن صراعنا مع اليهود صراع وجود لا حدود وان ما يسمى بالدولة العربية للزوال ؟ ولو دفع لي مليء الأرض ذهبا ما استبدلت شبرا من فلسبطين .

 

عمر - ما يعرف  عن احمد نجم انه ناشط  في القضية الفلسطينية منذ طفولته ومنحاز لها حركيا ووطنيا وفي الأردن أجد لك نشاطا مميزا في الانتخابات النيابية والبرلمانية كيف تجمع بين الاثنتين؟

نجم - إن التحول الديمقراطي في الأردن لصالح القوى الوطنية والديمقراطية هو مقدمة، لوجود جبهة مشاركة ومساندة وطنية لأي عمل فلسطيني  وطني أو حركي ،  لان كل المنظمات الفلسطينية هي عبارة عن حركات قومية وديمقراطية وأممية، تعمل من أجل أن تخلق جبهات مساندة ومشاركة على مستوى الإقليم والوطن . في نسيج مجتمعي متماسك يؤدي الوحدة العربية بأفاق وطنية وديمقراطية.

هل كنت تنحاز في دعمك  إلى المرشحين من الأصول الفلسطينية كما يفعل البعض في صناعة اجتذاب الأصول للمصالح انتخابية  ؟

لم انحاز يوما لمرشح فلسطيني أو من أصول فلسطيني بل كان انحيازي دائما أن الفلسطيني هوية كفاحية ووطنية ومن يحمل الهم الفلسطيني سواء كان فلسطينيا أو أردنيا فهو فلسطيني الانتماء والهوية ، واكبر دليل على ذلك أنني كنت احد ابرز الداعمين لبسام حدادين وممدوح العبادي وصالح القلاب وكل القوى الوطنية والديمقراطية، وهم من  الأصول الأردنية التي تحمل الهم الوطني الفلسطيني على قاعدة القضية الفلسطينية هي قضية الأمة وطريق العودة هو إلغاء كل نتائج اتفاقية سايكس بيكو في تجزئة وتقسيم الأمة.

عمر - في ظل تأطير الانقسامات وحشر الانتخابات بمنافسات أصولية وعشائرية أراك تدعم في الانتخابات البلدية القادمة المهندس عماد المومني بحماس هل هذا لصداقة قديمة أم من رؤية سياسية؟

نجم - أولا أنا كسرت هذه القاعدة منذ نشأتي الوطنية بفكر  قومي ومناضل من اجل تحرير الأرض والإنسان وهذا نقيض للإقليمية والفئوية والجهوية، التي جاءت نتاج فكر سايكس بيكو الذي مزق الأمة وفتتها على قاعدة فرق تسد وان قانون الصوت الواحد سيئ الصيت والسمعة  والذي رسخ تفسيخ الأمة وضرب وحدتها ، أما عن المهندس عماد المومني فهو احد أبناء الأردن الذين تبنوا ودافعوا عن القضية المركزية الفلسطينية بتاريخ وحاضر ومستقبل ، عزز صدق انتمائه العروبي متجاوزا كل الإغراءات الرسمية وعبر عن ذلك وهو طالب في الانتماء للقضية الفلسطينية والالتحاق بفعاليتها ، وهذا يؤكد أننا نلتقي من اجل إصلاح وطني وديمقراطي يسقط كل الفاسدين، من أجل أردن وطني ديمقراطي ولنحارب كل أشكال التطبيع انتهاء بوادي عربية.

- إذا هناك فرق بين التوطين ونسيان  حق العودة وبين الانتماء الحقيقي الفعلي للأردن ؟

رفض الوطن البديل هو مهمة كل وطني عربي، سواء كان أردنيا أو فلسطينيا ودستور المملكة الأردنية الهاشمية لم يتغير، وما تزال الضفة الغربية دستوريا جزء لا يتجزأ من المملكة رغم قرار فك الارتباط غير الشرعي والقانوني ورغم قرار الرباط بان منظمة التحرير ممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني وعليه، فان الأردن نظاما حكومة وشعب ، يتحمل مسؤولية كبيرة في إعادة وتحرير الضفة الغربية التي احتلت عام 1967 كجزء من الدولة الأردنية وبعد إنهاء هذه المهمة يترك للشعبين حق تقرير المصير والذي ما أراه إلا مقدمة من اجل وحدة سورية الكبرى في مواجهة إسرائيل الكبرى.

 

Omar_shaheen78@yahoo.com