سندات الأفراد لم تعد مغرية

 اخبار البلد-



رامي خليل خريسات

عندما طرحت الحكومة سندات ادخار الافراد كأول اداة ادخارية استثمارية للأفراد في الاردن بعد توقفها لعشرات السنين، كان الامل يحدوها ان تتحول من اداة مقتصرة على البنوك والمؤسسات الاستثمارية الضخمة الى اداة متاحة للأفراد بسعر فائدة وعائد منافس وجاذب يتسم بالديمومة والامان. لذلك جاء القرار بإصدارها بفائدة قدرها 25.4 %لأجل خمس سنوات، يمكن تسييلها من خلال البورصة في اي وقت، مع ضمان شرائها من قبل البنك المركزي دون أي عمولات مع الحصول على كامل فوائدها. الظروف الان تغيرت بوجود بنوك تطرح شهادات ايداع - وهي عبارة عن اداة استثمارية بنكية تهدف لجذب مدخرات الافراد - وتعطي فائدة مغرية اذا ما قورنت بالودائع ذات ال 2 %او بسندات ادخار الافراد ذات 25.4،% حيث فائدتها تصل مؤخراً ل 75.5.% تلك البنوك قررت بعد الرفع الاخير لأسعار الفائدة ان تضيف نقطة ونصف النقطة المئوية اعلى من سندات ادخار الافراد، بحيث اصبحت الفائدة لدى بعض البنوك 75.5 ،%كما تمنح ميزة اضافية وهي دفع الفائدة وفق اختيار العميل اما بشكل شهري او كل 3 شهور او 6 شهور. هذا الاغراء الجديد قلل من شأن مزايا سندات الافراد التي طرحها المركزي الذي من واجبه وضع الحلول التي تبقيه في حلبة المنافسة، فضمن فارق زمني ضئيل بين اصدار سندات الافراد التي وثق بها الجمهور وبين شهادات الايداع فاجأ القطاع المصرفي السوق بهذه الزيادة فأصبحت شهادات الايداع اكثر اغراءً وجاذبية ومعدومة المخاطر فهي مضمونة الاسترداد وذات عائد ثابت. يذكر لشهادات الايداع انها لا تتطلب مبالغ كبيرة فهي تبدأ ب 3000 دينار، و سقف المشاركة مفتوح وليس محدد كما في سندات الافراد بما لا يتجاوز ال 100 الف دينار، وفائدتها يمكن تقاضيها شهرياً، بينما في شهادات الايداع المستثمر محكوم للبنك المركزي بدفع الفائدة مرتين في السنة، لكن يذكر لسندات الافراد ميزة تسييلها في البورصة. الفائدة التي تم رفعها على شهادات الايداع رفعت في المقابل الفائدة على قروض الافراد، مما تسبب في تكبدهم تكاليف اضافية فزادت التزاماتهم الشهرية، وهو رفع اخل بأهمية السندات كأداة جاذبة مما يستدعي البنك المركزي العمل على تعويض الافراد، تحسباً لخروجهم مع ارباحهم المستحقة واستثمار كامل المبالغ مع فوائدها في شهادات الايداع البنكية ذات العائد الاعلى. سندات الافراد جمعت في الاكتتاب الاول ما حصيلته 28 مليون دينار بصعوبة، في حين تراجعت حصيلة الاكتتاب الثاني الى حوالي 11 مليون دينار في دلالة على ضعف الاقبال، الامر الذي يحتاج لمعالجة الاسباب لضمان نجاح هذه الأداة المهمة للمستثمرين الافراد، مثل ربطها بأسعار فائدة متغيرة بدل المحددة وادراجها في البورصة، ودراسة موضوع الطرح المباشر على الجمهور من خلال البورصة بدل البنوك مما يوفر خيار اسهل للمستثمرين ويخدم البورصة وينشط تداولاتها. الفائدة المتغيرة تخلق نوعا من المضاربة الصحية على سوق السندات بين المستثمرين والمؤسسات كل حسب رؤيته الخاصة للاستثمار، ويزيد بالتالي من تنافسيتها امام شهادات الايداع، وفي نفس الوقت ويخلق نوعا من السيولة المعدومة عليها حيث كان حجم التداول في البورصة على السندات في 2016 صفراً، و 12 سند في 2015! عموماً ربط السندات بفائدة متغيرة سيجعل سعر السندات مرتبط بظروف السوق ونظرة المستثمرين للاقتصاد الكلي ،وتوقعات تغير اسعار الفائدة، مما سيوفر اسعار متفاوتة لها في تداولات البورصة، ويؤهلها لتكون اداة استثمارية ناجحة يقبل عليها المستثمرون و تحتاجها بورصة عمان التي يقتصر التداول فيها على الاسهم في ظل غياب تام لأية ادوات مالية اخرى.