الدعم المباشر وأثره الإيجابي على النمو الاقتصادي

 تواصل الحكومة حملتها و لقاءاتها مع مختلف الفعاليات لشرح برنامجها للإصلاح الإقتصادي الذي يرتكز على إزالة تشوهات دعم السلعة بإعادة توجيه الدعم إلى مستحقيه من الفقراء و متوسطي الدخل بإعتبار أن الدعم الموجه لبعض السلع و الخدمات كالطحين و التعرفة الكهربائية على شرائح الاستهلاك و المياه و الغاز يذهب ثلثه الى غير الاردنيين. هذا بالإضافة إلى الهدر و الإستخدامات غير القانونية للكهرباء وللمياه المنزلية التي يتم استغلالها في معامل غير رسمية في ما يسمى باقتصاد الظل و الذي يصل حجمه إلى ٢٥ ٪من نسبة الناتج المحلي الاجمالي. تبدو الأجواء مهيأة أكثر من أي وقت مضى سواء من النواحي التقنية أو المالية أو حتى السياسية لإصلاح ثغرات اقتصادية استنزفت مصادر الدولة وشكلت بيئة خصبة للفساد لكن ما يحتاج اليه الأمر هو آلية محكمة لتوجيه الدعم، فهل ستكون عبر كوبونات أو بطاقات ذكية لشراء هذه السلع والخدمات فقط؟ أم ستكون عبر مخصصات نقدية يتصرف بها المستهلك كما يشاء؟ إذا نظرنا الى نتائج توجيه الدعم مباشرة من منظور آخر و أثره على الاقتصاد الكلي فالسيناريو الأول و هو ما يشبه كثيرا نظام طوابع الطعام أو ما يسمى في الولايات المتحدة اليوم ببرنامج SNAP فإن العائد على الاقتصاد الكلي كان ١٧١ ،٪و رغم أن هذا الرقم يمثل خصوصية أمريكية بحتة و مؤكد أن يعلو أو ينخفض حسب المكان و الزمان، لكنه يعطي انطباعا عاما لأثره الإيجابي على الاقتصاد الكلي. و هنا نعود إلى ما ستفعله الحكومة الأردنية فإذا ما افترضنا أنها خصصت مبلغ مائة مليون دينار سنويا يتم توجيهها لمستحقيها من المواطنين تصبح تداعيات هذا المبلغ على الاقتصاد تفوق قيمة أثره الفوري و الذي يصبح أثره المضاعف (Effect Multiplier (حسب الميل الحدي للاستهلاك . فإذا كان ما ينفقه المستهلك من كل دينار هو ٦٥-٧٥ قرشا؛ فإن الأثر المضاعف على الاقتصاد الكلي للمائة مليون يتضاعف ثلاثة إلى أربعة مرات أي ٣٠٠-٤٠٠ مليون دينار كقيمة إجمالية بدون التسربات التي قد تطال سلسلة الاستهلاك. كما أن إصلاح آلية الدعم للمواطنين له نتائج إيجابية أخرى على النمو الاقتصادي حيث سيُفرض على ثلث السكان من غير الأردنيين التوجه إلى شراء السلع بدون دعم و شرائهم لسلع أخرى مما سيرفع من وتيرة الطلب الكلي على الاقتصاد الذي يعاني منذ فترة من حالة تباطؤ. مع العلم أن نصف غير الأردنيين هم من اللاجئين السوريين و الذين يحصلون على مخصصات و كوبونات من المنظمات الدولية و مصرح لهم العمل حسب الأنظمة و التعليمات. إن توجيه الدعم للمواطنين مباشرة بدلا من السلع لا يحقق فقط مبدأ العدالة و محاربة الاستخدام الخاطئ و الهدر والفساد ، بل يفوق ذلك بكثير بتعظيم قيمة النمو و الناتج المحلي الاجمالي لاقتصاد قائم على مبدأ الطلب الكلي في فترة هو فيها بأمس الحاجة إليها . رئيس غرفة صناعة الزرقاء