الحكومة .... وارقام المركز الوطني لحقوق الانسان


كما هو واضح من اسمه، هو مركز وطني بالكامل ... لا وجه للمقارنة بينه وبين» دكاكين» التمويل الخارجي، أنشئ بإرادة ملكية سامية، ويعين مجلسه بإرادة ملكية سامية، مهمته متابعة الأوضاع الخاصة بحقوق الانسان على الأرض الأردنية، وادواته معروفة، وموثوقة، وتقاريره دقيقة ومقبولة كمرجعية بالنسبة لكافة اطراف المعادلة الأردنية.

المعلومات الرقمية التي تتضمنها تقارير المركز، مستقاة من الواقع، ويعتد بها، الا من قبل الحكومات المتعاقبة، حيث تقتصر الشهادة الحكومية بجودة وعمق تقارير المركز على الإشادة بالجهد وبالدقة، لكنها ـ أي الحكومات ـ لا تكلف نفسها عناء الاعتماد على تلك المعلومات والأرقام في المجال التطبيقي.

قد يكون السبب في ذلك ان تلك المعلومات يمكن ان تكشف الكثير من الثغرات التي تحاول الحكومات اخفاءها، وتبين بعض أوجه التقصير الحكومي في مجالات عديدة.

بالطبع، هناك الكثير الكثير من المعلومات التي يمكن ايرادها كتعزيز لهذه الفرضية، وليس آخرها التقرير المتعلق ببعض الممارسات التي حدثت وكانت أطرافها رجال امن، حيث شخص التقرير الواقع وخلص الى نتائج لا يرتقي اليها الشك.

قبل يومين، صدر التقرير السنوي للمركز للعام الفائت 2016، وفيه الكثير من المعلومات المهمة التي لا غنى عنها للمخطط وصاحب القرار، وهي معلومات تؤكد ان حكومتنا في واد آخر، وانها تصم اذنيها عن الواقع، وتتصرف كانها لم تسمع بتلك المعلومات.

ففي التقرير تشكيك واضح بالأرقام الصادرة عن وزارة العمل التي تؤكد انها قامت بتشغيل 26 ألف عاطل عن العمل، ضمن حملة التشغيل الوطنية. واكد التقرير أن زيارات المركز الميدانية إلى المناطق الصناعية المؤهلة والتقاءه العمال الأردنيين تؤكد أن هناك «عيوبا في هذه الحملة، وأن الأرقام التي يتم تداولها حول عدد العمال الذين تم تشغيلهم مبالغ فيها الى حد كبير».

وتوقف المركز في تقريره السـنـويّ الثالث عشر، عند «محاولة الانتحار الجماعية التي أقدم عليها خمسة شبان بتاريخ الحادي عشر من أيار(مايو) 2016 في عمان، بعد فقدانهم الأمل بالحصول على فرص عمل كريمة، مشيرا الى انها كشفت عن ضعف البرامج التشغيلية وعدم نجاعتها».

واشار المركز في تقريره الى الارقام الرسمية الصادرة عن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي للعام 2016، والتي تؤكد أن «ما يقارب نصف العاملين في الأردن، أي ما نسبته 48.5%، يتقاضون أجورا تبلغ 400 دينار شهريا فما دون، وأن 70.7% يتقاضون 500 دينار شهريا فما دون، في حين أن ما نسبته 7.1% فقط يحصلون على أجور شهرية تزيد على 1000 دينار شهريا فأكثر».

مناسبة هذه المقالة، ان الحكومة تبني مخططاتها على فرضيات ليست دقيقة، ومنها فرضية تتعلق باجراءات لمحاربة البطالة، وايجاد فرص عمل للعاطلين، وبالتالي فرضية تتعلق بنسب البطالة.

اما البعد الاخر والاكثر الحاحا فيتعلق بالاجراءات الحكومية الخاصة بالضرائب لرفع ايراداتها في الموازنة العامة للسنة المقبلة، حيث تصر على موقفها رغم ما يكشفه التقرير من ان اكثر من سبعين بالمائة من الاردنيين العاملين يحصلون على رواتب تقل عن 500 دينار شهريا، وهي مبالغ لا يمكن لها ان تصمد امام التوجهات الحكومية التي تسعى الى تحصيل مئات الملايين من الدنانير من اشخاص تتدنى دخولهم الى هذا المستوى المتآكل.

في الختام .... تحية للمركز الوطني لحقوق الانسان لجهده الكبير في توسيع مظلة نشاطه الى كل ما يتعلق بحقوق الانسان وتفرعاتها، ولحرصه على متابعة نشاطه الوطني رغم كل المعيقات والمحبطات.

واللوم كبير للحكومة لانها تصم آذانها عن المعلومات القيمة التي يضمنها المركز لتقاريره المهمة، وتتصرف كانها لم تسمع بها.

Ahmad.h.alhusban@gmail.com