لقطر نقول: صافي يا لبن



بعد كل هذه الأحداث والتطورات التي شهدتها هذه المنطقة والتي من المتوقع أن تشهدها فإن من المفترض أن يبادر العرب القادرون على التنفس بعيداً عن التأثيرات المباشرة لهذه الزلازل العاصفة إلى التلاقي على أساس :»عفا الله عما سلف» وانطلاقاً من أن ما يجمع أكثر مما يفرق وأنه لا بد من تناسي كل الإشكالات السابقة التي هي ثانوية وإعادة ترتيب الأوراق وتنظيم الاصطفافات كي لا تدخل هذه الأمة في نفق مظلم وتخسر هذه اللحظة التاريخية الهامة.

وبوضوح وصراحة فإن بعض ما كان سائداً بين عدد من الدول العربية الشقيقة لم يكن لا صحياً ولا صحيحاً ولقد أدى في أحيانٍ كثيرة إلى الخصام والتباعد ولقد وصلت الأمور إلى بعض الملاسنات الكلامية والإعلامية والى بعض المناكفات السياسية لغياب النقد والنقد الذاتي البناء ولغياب المصارحة ولأنَّ من كانت تصله وشاية أو دسيسة لم يكن يبادر لمفاتحة شقيقه المعني وهذا وللأسف قد فتح المجال لمحترفي الإيقاع بين الأشقاء والإخوة.

وهنا فإن الكل يعرف أن العلاقات بين المملكة الأردنية الهاشمية وبين قطر الشقيقة كانت مثالاً رائعاً للعلاقات المفترضة بين الدول العربية كلها لكن ,وهذه اللاكن يجب أن نتوقف عندها الآن طويلاً ونحن نفتح صفحة جديدة بين دولتين شقيقتين, وفجأة وبدون مقدمات نجح المحرضون والدساسون والموسوسون في ألاعيبهم الشيطانية فوجد الأردنيون والقطريون أنفسهم أمام حالة خلافٍ واختلاف وهمي ومفتعل بقوا يتساءلون عن أسبابه ومسبباته فلا يجدون ما يمكن أن يكون مقنعاً لتكون تلك الحالة الاستثنائية الطارئة.

نحن نعرف ,وأنا بالذات أعرف, ان في قلب أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للأردن وأهل الأردن وملك الأردن محبة ومعزة كبيرة والمؤكد أن الأشقاء الأعزاء القطريون يعرفون أن في قلب الملك عبد الله الثاني لقطر وأهل قطر وأمير قطر محبة لا حدود لها وحقيقة أننا عندما نراجع تلك اللحظة العابرة ,ويجب أن نراجع هذه اللحظة حتى تعود المياه إلى مجاريها وحتى نضع أكتافنا إلى جانب أكتاف الخيرين من أبناء هذه الأمة لنبني غداً مشرقاً, فإننا نجد أن الود لا يزال قائماً ونجد أن علاقاتنا الأخوية المثالية لا تزال راسخة رغم أنها تعرضت لدسائس الذين اتضحوا على حقائقهم عندما ذهبوا بعيداً في انحيازاتهم غير المبررة ومواقفهم السياسية غير المفهومة.. والله يُمهل ولا يُهمل.

لا يوجد بين الأردن وقطر ما يختلفان عليه لا على الصعيد الدولي ولا على الصعيد العربي لا بالنسبة للقضية الفلسطينية ولا بالنسبة للمسألة اليمنية والأردن مع أن تلعب هذه الدولة الشقيقة الصاعدة الدور الإقليمي والعربي والدولي الذي تريده فهذا لا يزعجنا إطلاقاً بل انه يسرنا والمثل يقول :»إنه يفرحنا ويسعدنا أن تكون هناك واحدة من بين خيول أهلنا سبوق» والمؤكد أن أشقاءنا القطريين يعرفون هذه الحقيقة ويعرفون أن هذا البلد ,المملكة الأردنية الهاشمية, لا يتنافس مع أي دولة عربية شقيقة ولا يضيره بل يسعده أن يشاهد تفوقاً عربياً إن في المملكة العربية السعودية وإن في قطر وإن في الإمارات ودبي وإن في الكويت والبحرين وعُمان وإن في الشقيقة الكبرى مصر وإن في المملكة المغربية التي تجمع الأردن بها صلات كثيرة.

نحن كلنا.. كل العرب الآن أمام مرحلة جديدة بقدر ما هي هامة وواعدة بقدر ما هي خطيرة وهذا يقتضي أن نراجع حساباتنا السابقة وأن نعيد النظر بمواقفنا القديمة وأن نتحلى بشجاعة النقد والنقد الذاتي البناء وأن نحرص هذه المرة على ألا نستمع للدساسين والموسوسين وأن نتصارح دائماً وباستمرار فالمصارحة نقاء للقلوب ويبقى في كل الأحوال انه لا يعيبنا أن نقول لأهلنا وأشقائنا في قطر القيادة والشعب :»صافي يا لبن».. وعلينا أن ننسى صفحة الماضي ونفتح صفحة جديدة.. على أسس جديدة.