مجلس النواب ضلَّ الطريق

 

 

لا أدري كيف وافق مجلس النوّاب بالأكثرية المطلقة على إحالة موضوع خطأ إجرائي إلى المجلس العالي لتفسير الدستور. والذي اختصاصه محصور بتفسير أحكام المواد الدستورية وتعارضها مع بعضها ولا علاقة له بالإجراءات المخالفة للقوانين.

إن المادة (122) من الدستور قد حصرت اختصاص المجلس العالي لتفسير الدستور بأمرين لا ثالث لهما:

الأمر الأول:  أن يطلب من المجلس العالي تفسير مادة دستورية ومدى دستوريتها بناء على طلب مجلس الوزراء أو الأكثرية المطلقة من أحد شقي مجلس الأمة.

الأمر الثاني:  محاكمة الوزراء بعد أن يتهمهم مجلس النوّاب بالأغلبية المطلقة.

وعودة للموضوع فإنني استذكر قبل أسابيع حين قام المجلس العالي لتفسير الدستور بالإفتاء بدستورية إنشاء نقابة للمعلمين مخالفاً بفتواه تلك قرارين للمجلس العالي لتفسير الدستور بهذا الموضوع حيث لم يُجز التفسيرين إنشاء نقابة للمعلمين ومع ذلك فقد ارتكب المجلس هذه المخالفة الدستورية من أجل مراعاة خواطر الحكومة ومجلس النوّاب والمطالبين من المعلمين بإنشاء هذه النقابة.

واليوم يوافق مجلس النواب بأكثريته المطلقة على طلب فتوى بدستورية الإجراءات التي تمّت في جلسة التصويت على اتهام رئيس الوزراء وبعض الوزراء.

وإذا اتبع المجلس العالي لتفسير الدستور الأصول والدستور يتوجب أن يكون جوابه بعدم اختصاصه بهذه الفتوى لأن ما تم في جلسة مجلس النوّاب تلك كان عبارة عن إجراءات يدّعي البعض أنها إجراءات مخالفة لقانون أصول المحاكمات الجزائية والذي يعتبر القانون المطبّق على مجلس النوّاب باعتباره هيئة إتهامية في محاكمة الوزراء.

ولا بد من التذكير بأنه إذا كان جواب المجلس العالي لتفسير الدستور قد جاء كما ذكرت بعدم الاختصاص فيكون النوّاب المقاطعين قد وجدوا لهم مبرراً للعودة عن المقاطعة لأن المجلس العالي غير مختص بالإجابة على تساؤل مجلس النوّاب.

وإما أن لا يكتفوا أولئك النوّاب بجواب المجلس العالي ويعودوا إلى قانون أصول المحاكمات الجزائية الذي يحكم الإجراءات التي تقوم بها النيابة العامة والتي تطبّق على مجلس النوّاب بمحاكمة الوزراء مما يستتبع سؤال جهة الاختصاص بهذا الموضوع وهي ديوان تفسير القوانين والتي تفسّر قانونية الإجراء المخالف للقانون وبناء على ذلك يحق لمجلس النوّاب أن يسأل عن طريق الحكومة موافقة الإجراءات التي تمت بجلسة النوّاب لقانون أصول المحاكمات الجزائية وبحق الدفاع والمرافعة عن المتهم أمام المحكمة وليس أمام النيابة.

خلاصة القول كنا نعتقد أن الحكومة لا تعرف أبجديات القانون ولم نكن ندري أن مجلس النوّاب يشاركها هذه المعرفة أم عدمه علماً بأن من بين أعضاء المجلس محامون ورجال قانون مشهود لهم بخبرتهم وكفاءتهم بالإضافة إلى وجود الدائرة القانونية في مجلس النوّاب والتي تم تجاهلها كما تم تجاهل اللجنة القانونية بالمجلس. ولا يفوتني أن أستذكر أننا في بلاد تتباهي بسيادة القانون لا بخرقه.

حمى الله الأردن والأردنيين وإن غدا لناظره قريب.