من «أبيش» إلى «الحقيقة السوداء»

 

 


إبداع الوقفات الاحتجاجية الأردنية والأنشطة الرافضة لبعض السلوكيات أو المظاهر، أو السياسات، لم يقف عند حد، وأثبت المجتمع الأردني حيوية غير محدودة على اجتراح الأسماء والماهيات الاحتجاجية بشكل لافت للنظر، وكل هذا بفضل أجواء الانفتاح وارتفاع سقف حرية التعبير جماهيريا، ومن عجيب المصادفات، أن هذا الاتساع في مساحة التعبير الشعبي، يقابله تضييق في مساحة التعبير المتاحة في الإعلام والصحافة عموما.

يلفت النظر في مشهد الحراك الشعبي طرافة بعض وسائل التعبير وجدتها، فبعد أن رأينا نشوء جماعات مثل: جايين، وذبحتونا، وأكلنا هوا، وراحين، وهلكتونا، والحقونا، وما شابه، تفتق ذهن مجموعة طريفة من شبابنا عن ابتداع حركة «أبيش» ومن قبل «الحقيقة السوداء».. أما «أبيش» فهي تجمع لشباب السلط، أعجبني جدا حين اختار أسلوبا جديدا للتعبير عن موقفه، بطريقة قد لا تخطر ببال أحد، التجمع أعلن عن إطلاقه ما أسماه «أضخم تظاهرة شبابية تشهدها مدينة السلط»، حيث سيقيم نهائي كأس بطولة الكازينو يوم السبت القادم أمام المركز الثقافي في تمام الساعة الثالثة عصرا، ويشارك في المباراة فريقا الإصلاح والفساد للفوز بكأس الكازينو لمدة نصف ساعة قابلة للتمديد، وقالوا أن الفعالية ستشتمل على مجموعة من المفاجآت، والهدف منها هو التعبير عن الرأي بشكل حضاري ونخبوي جديد ومختلف، إضافة إلى «تحمل مسؤولياتنا تجاه المجتمع والمملكة بعيدا عن الإضرار بمصالح الناس وممتلكاتهم وراحتهم وتعطيل حياتهم اليومية» كما قالوا، إلى ذلك، تجمع شباب «أبيش» أحلى من السلط، يدرس القيام بمجموعة من الفعاليات والأنشطة الخدمية والاجتماعية المختلفة التي أعدها أعضاء في فرق الدراسة والتنسيق التي شكلها التجمع مؤخرا، منها مشاريع تشجير مدينة السلط وإقامة مشروع فني ثقافي يروج للمدينة وتاريخها وأصالتها، كأسلوب جديد للاحتجاج، وهو أسلوب قمة في الإيجابية، ولا يخطر ببال أحد!.

ومثل «أبيش» كانت من قبل مجموعة «الحقيقة السوداء» التي اختارت أن تكون طريقة تعبيرها في قالب ساخر جديد، حيث عمدت منذ أشهر إلى رفع لافتات تطالب بعكس ما يطالب به الناس، من مثل: تسقط التنظيمات والأحزاب المرخصة وغير المرخصة، نعم لسرقة قوت الشعب، نعم لخصخصة المواطن، نعم لبيع مؤسسات الدولة، نعم للذل والإهانة، راتبي بكفيني 57 يوم بالشهر، كتم الأنفاس مطلب شعبي، نعم لتزوير الانتخابات، وغيرها من شعارات.

يقولون أن شعبنا الأردني كشر، ولا يبتسم للرغيف الخبز، مؤكد هذه كانت إشاعة، أو جزءا من الماضي، والدليل «أبيش» و»الحقيقة السوداء»!!.

hilmias@gmail.com