كلّها مزايدات، والكلّ يزايدون

 

 


تقتضي المرحلة السياسية والاقتصادية الحرجة التي تعيشها البلاد، ويستغرق فيها العباد كافة أوقاتهم، أن نصارح بالقول انّ ما نسمعه ونراه ونعايشه، من كافة الأطراف، لا يعدو كونه مزايدات لا أكثر ولا أقلّ، ونحن هنا لا نستثني أحداً، لا من الرسميين أو المعارضين، ولا حتّى الشارع الأردني نفسه.

في يوم كتب أحد كبار السياسيين الأردنيين عن "ضياع البوصلة الأردنية"، فقوبل بموجة احتجاجات، وما أحوجنا اليوم لوضع هذا العنوان مؤشراً للواقع المحزن الذي نعيش، فالكلّ يزايد على الكلّ، والكلّ يعتبر نفسه الممثل الشرعي والوحيد لمصالحها ومستقبلنا، في ارتجالية عجيبة يغيب عنها التفكير المنطقي الهادئ.

أردنا تقليد دول غيرنا قامت فيها ثورات شعبية، مع أن ظروفنا تكاد تكون مناقضة، وأردنا اللحاق بركب التغيير فغيّرنا حكومة، وأجرينا حواراً وطنياً، ونجري تعديلات دستورية، دون أن تكون لدينا أجندة عمل وطنية يتّفق الجميع في القليل على حدودها الدنيا، وها نحن نشهد ارتباكاً عزّ نظيره في تاريخنا السياسي كلّه.

الكلّ يتّفق على أنّ رئيس الحكومة نظيف اليد واللسان، وحتّى أكثر المعارضين تشدداً لا يتجاوزون على هذه الحقيقة، والكلّ أيضاً يريد تغيير الحكومة، ولا يرضى عن التعديل، ولن يرضى حتّى لو جئنا بوزراء ملائكة، وسيطول حديث مصارحتنا لو أردنا، ولكننا ننهي باقتراح الاتفاق على قليل من الهدوء، لنفكر ونتفق على ما نريد من المرحلة المقبلة، فالكثير من الصراخ لا يليق ببلد جميل كالأردن ناساً وطبيعة وتاريخاً ومستقبلاً، أما الحاضر فهو كما ترون جميعاً.