التعديل المهم في الدستور لا الحكومة
لا يحتمل تعديل الحكومة كثيرا من التحليل، وهو لا يجبر الكسور البليغة التي تلقتها الحكومة، إن في قضية شاهين أو استقالة وزير الإعلام أو في التصويت على قضية الكازينو. وهو أشبه بجراحة تجميلية تمس الشكل ولا تغير في المضمون.
لندع الحكومة تصارع البقاء هي والمجلس النيابي، إن ظلا أو بقيا، أحدهما أو كلاهما، أو رحلا. فذلك من المعتاد في الحياة السياسية الأردنية. غير المعتاد هو اللجنة المكلفة بالتعديلات الدستورية. فتلك اللجنة إن قامت بعملها ستفتح الباب لعمل سياسي جديد، يبعث الدستور عقدا ملزما ينظم العلاقة بين المجتمعات والدولة.
الراجح أن تعود اللجنة إلى دستور 1952، مع إضافات تتعلق بالمحكمة الدستورية والهيئة المشرفة على الانتخابات وآليات الانتخابات، وكلها تعديلات تقدمية. وقد يكون بعد التعديلات رئيس الوزراء علي أبو الراغب آخر رئيس تمتع بغياب المجلس فترة تزيد على العام.
سيكون المجلس النيابي كما هو في الدستور، سلطة عليا غير قابلة للتعطيل أو التهميش. ولن تكون الانتخابات تحت رحمة مزاج السلطة التنفيذية. أيا كان قانونها، ستشرف عليها هيئة ذات استقلالية وصدقية.
وفي المجلس تتداول السلطة وفق ما تفرزه صناديق الاقتراع.
هذا أمل إن تحقق سيكون ثورة حقيقية تقدم للربيع العربي تجربة فريدة، تحقق الإصلاح بأسرع وقت وأقل كلفة. فالأردن منذ تأسس كان دستوريا.
كل قرار حتى في مرحلة الأحكام العرفية استند إلى نص دستوري، وكل مسؤول أقسم على احترام الدستور.
كان يمكن تجنب الكوارث السياسية التي حصلت لو التزم بالدستور الحالي، فنصوص الدستور قاطعة في ما خص ولاية الحكومة العامة على السلطة التنفيذية، وولاية المجلس التامة عليها. لكن أين الوزير والنائب الذي يبر بقسمه؟
حتى في القضاء يستطيع القاضي أن يحكم بعدم الدستورية، وأين هذا القاضي الذي يمارس سلطانه من دون وجل؟ الدستورية تبدأ من أصغر موظف، أستاذ المدرسة، الشرطي، طواف الأحراش.. مدرس يرفض التدخل في حدود صفه، وشرطي ينفذ القانون بلا محاباة، وطواف يحرس خضرة الأرض.. هذه ثقافة يومية وليست سياسة موسمية.
للتاريخ نذكر كيف أوقفت السلطة القضائية يوما قانون المطبوعات لعدم دستوريته، وفي المقابل، توجد أمثلة لا تحصى للخروقات الدستورية من السلطة التنفيذية.
وفي قضية الكازينو مثال فج، فالدستور يلزم الحكومات عرض أي اتفاقات ترتب التزامات على خزينة الدولة على مجلس النواب. الاتفاقية أقرت وألغيت من دون أن يدري بها المجلس.
باختصار، الدستورية أو الفوضى، والأمل أن تكون الأولى.