عذرا ايها النواب ... المجلس العالي غير مختص بخلافاتكم
اخطأت الاغلبية النيابية المحترمة امس بالتصويت على تحويل سؤال الى المجلس العالى لتفسير الدستور من اجل الحصول على "فتوى" للوقوف على رأيه حول دستورية إعادة التصويت على الاتهامات في ملف اتفاقية الكازينو بعد ان كان النواب قد صوتوا على اتهام وزير السياحة الاسبق اسامة الدباس وبراءة رئيس الوزراء معروف البخيت من اي تهمة.
لا اعرف كيف فات السادة النواب ومنهم قانونيون كبار , ان المجلس العالي لتفسير الدستور مختص فقط في تفسير اي مادة في الدستور تكون مثار جدل أو خلافا قانونيا, والامر المطروح هو خلاف على النظام الداخلي لمجلس النواب وليس خلافا على الدستور .
وهذا الامر واضح لا لبس فيه بالمادة 122 من الدستور التي تعطي المجلس العالي "حق تفسير احكام الدستور اذا ما طلب اليه بقرار من مجلس الوزراء او بقرار يتخذه احد مجلسي الامة بالاكثرية المطلقة".
لذلك لا استغرب ان يرد المجلس العالي طلب "النواب "بالتفسير لعدم وجود سؤال و عدم الاختصاص, لان السؤال يجب ان يحدد مادة في الدستور من اجل اجلاء حقيقتها وازالة الغموض عنها وهي في هذه الحالة غير متوفرة.
كنت اتمنى ان لا يذهب الغضب بمجموعة الـ 54 الى حد طلب التفسير بل كان يجب الاصرار على انهاء الامر تحت قبة البرلمان لان المجلس سيد نفسه ويجوز له الرجوع عن اي قرار باعادة التصويت عليه وهي قضية بدهية وليست معقدة.
وتأكيدا على ذلك فإن محاضر جلسات مجلس النواب تشهد على إعادة التصويت على الكثير من مواد بقوانين ومشاريع قوانين بما يعني انه تشكل عرف دستوري على مر السنين بشكل مضطرد وبذلك أصبح عرفا دستوريا مكملا وله قوة القاعدة الدستورية وله صفة الإلزام.
وقد اشار بعض النواب في اثناء المناقشات أن طلب التفسير يشكل "اختراقا للأعراف الديمقراطية", وهذا صحيح لان الاصل ان تقبل الاقلية رأي الاغلبية بعد التصويت وهذا امر مفروغ منه وإعادة التصويت يكون مرهونا في خطأ بالعد أو تشكيك بمن قاموا فيه لكن الامر كان واضحا بان الخلاف كان على مضمون التصويت وليس على شكله وطريقة اجرائه.
ان اختباء بعض النواب الغاضبين خلف الاجراءات التي رافقت عملية التصويت على تقرير لجنة الكازينو بحجة "عدم الاطلاع على كافة المبرزات المتعلقة بتقرير اللجنة و انهم لم يعطوا الفرصة الكافية لقراءة التقرير قراءة متأنية" غير مقنع فهذا الامر عليهم وليس معهم لان الاجراء كان يجب ان يتم بطلب ارجاء التصويت إلى حين الاطلاع على الوقائع لا التصويت على "غميض".
طلب التفسير, كان جزءا من "ضبضبة الطابق", ليس الا? .