الكازينو ليس المشكلة ... مشكلتنا الحقيقية بعدنا عن الله

  يجزم جميع الغيورين من أبناء أردننا الغالي بأن قضية الكازينو لا تختلف كثيرا عن أخواتها السابقات وإن كبر حجمها واتسعت قائمة المتهمين من الوزن الثقيل فيها، ولكن يبقى شأنها كشأن كل قضايا الفساد الكثيرة والمتعددة التي أنهكت الموازنات المتعاقبة وأثقلت كاهل المواطن العادي البسيط ، فتزوير الإنتخابات والمحسوبية والواسطة وإنتشار أماكن الخبث والإفساد من ملاهي وبارات وبيع للخمور والمسكرات على ثرى الأردن الطهور بلد الحشد والرباط، وإكتشاف شبه فساد في جل المشاريع الكبرى التي كان الوطن والمواطن بأمس الحاجة إليها، كلها ويلات أصابت وطننا الغالي ومصائب تلقاها المواطن العادي بصمت وصبر وخوف على البلد الأغلى على قلوب الأحرار من أبنائه، ولكنني أؤكد بأن الكازينو وغيره من القضايا التي أضعفت الإقتصاد وأهلكت العباد ونشرت الفساد ليس المشكلة بل هو نتاج للمشكلة الرئيسية الأم التي نعاني منها وهي بعدنا عن الله جل جلاله وتغييب الوازع الديني والرقابي والذي يسمو بالعبد عن كل أنواع المحرمات والشرور والفتن.

      فلو كان إخواننا الوزراء والمسؤولين على اختلاف مواقعهم ومناصبهم والذين تدور حولهم شبه الفساد أو أتهموا بها أو ثبتت على بعضهم وحوكم قسم منهم، يستحضرون الحلال والحرام والإحساس بوجود الله والتفكر في عظمته سبحانه فعلا وشعورا حقيقيا لا قولا دون تطبيق، فإن أثر ذلك الإحساس كان سيتجسد حقيقة سلوكية في حياة المسؤول مهما علا شأنه في الدنيا ومهما كان منصبه رفيعا، فعندما يشعر بمخافة الله ويحس بدوام وجوده معه، ومراقبته له، ويتذكره في كل فعل يقدم عليه، سيكون بكل تأكيد نتاج هذا المسؤول كله خير أو أكثره، أنا لا أطلب من المسؤول ألا يخطأ أبدا أو أن تكون قراراته كلها صائبة مع أن هذا هو غاية الجميع وهدفهم ولكن المسؤول أولا وأخيرا بشر يجتهد يصيب أو يخطئ، ولكن الخطأ المتعمد والكبير والواضح لا يمكن أن يكون إجتهادا أبدا، ولهذا يجب على كل منا أن يستحضر عظمة الخالق جل جلاله واستحضار مراقبته لنا قبل أن نتأخذ أي قرار من أجل أن نكون مطمئنين ومرتاحي الضمير مهما كانت النتائج.
      ما نريده تطبيق صحيح وصريح لأحكام الشرع وتطبيق المادة الثانية من الدستور الأردني والتي تنص على أن الإسلام دين الدولة، مع التأكيد على إحترام وحفظ حقوق المواطن الأردني مهما كان دينه أو توجهه أو فكره مالم يؤثر أو يمس بشيء من العقيدة السليمة أو الأخلاق العامة او العادات الراسخة الطيبة لهذا البلد الأصيل، لهذا يجب علينا عدم النظر للإسلام وتعاليمه كنظرة الغرب الحاقد له، فالإسلام دين يسمو بالإنسان ويهذب سلوكه ويحمي الإنسان من شرور نفسه وشرور غيره، ويجب عدم تقييد أو إختصار الإسلام بحزب أو جماعة أو طائفة أو فئة أو تنظيم، فنحن لا نريد إفراطا بتعصب ولا تفريطا بتمييع، فمشكلتنا في العالم العربي أننا نقتبس عن الغرب ونقلدهم فيما لا يتماشى مع ثقافتنا وتقاليدنا العربية والإسلامية، وننسى أو نتجاهل أحيانا أن نتعلم منهم أو ننقل عنهم العلوم والتكنولوجيا والتقدم العلمي والتزامهم بأعمالهم ومحاربتهم للمحسوبية والواسطة واحترام النظام وهذا كله طبعا سبقهم الإسلام إليه بمئات القرون وحظنا على كل ذلك وأكثر، فقد إهتم ديننا السمح بالجار والأرحام وبين حقوق الصديق والقريب وحتى العدو، وشجع على الزراعة وراعى حقوق الحيوان، ونظم جميع المعاملات المادية والعلاقات الإنسانية والإجتماعية، وأكد وحرص على حفظ الإعراض من الدنس والتلويث، بل إن الشريعة السمحة الحقيقية هي وقاية لنا من الكثير من الأمراض المنتشرة ه
ذه الأيام سواء الجسمية أو الأخلاقية التي نعاني منها.

      نسأل الله العلي القدير أن يهدينا ومسؤولينا على اختلاف مناصبهم ووزارءنا وأقاربهم وأن يردنا إلى ديننا ردا جميلا وأن يجعلنا من الذين يقولون ويفعلون ويستحضرون عظمته جل جلاله، فتطبيق الإسلام الصحيح سيريحنا من قضايا فساد جديده على شاكلة الكازينو، ولا يسعني إلا أن أقول لكل من يدعي أن الإلتزام بتعاليم ديننا الحنيف الوسطي الصحيح تخلف ورجعيه ... أقسم بمن رفع السماء بلا عمد أنك لا تعرف حقيقة الإسلام وجوهره، ورضي الله عن الفاروق أبا حفص عندما قال على مشارف القدس الحبيبة أعادها الله وحررها من الصهاينة المعتدين :" نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله ". 

 

 

abomer_os@yahoo.com