في تعديلها عدالة أيها الرئيس


لا نناور في الكلمة؛ بل نقولها لأن إلقاء كلمة في غير موعدها أو كتمها في موعدها، عمل يهوي بالإعلام الوطني الشريف سبعين خريفا في جحيم التسحيج والتضليل.
الفرصة أردنية، ملائمة، مطلوبة، منطقية، ولا نستثني عنصرا آخر مبنيا على ردة فعل وطنية لا ننكرها، تأتي طبيعية وسلمية ردا على جحود ونكران جهات دولية، وقلة خبرة مسؤولين من الدرجة الثانية والثالثة في الدولة، وفي الاقتصاد، وفي صفوف المعارضة الوطنية أيضا.
لا يصح الا الصحيح فلم المراوحة والمماطلة ولم الخطأ؟!
بعض الملفات والمواقف السياسية الأردنية يعتريها خطأ وليس مجرد خلل، ولا نخجل من الاعتراف بهذا، لكنه يجب أن يكون اعترافا مبنيا على رغبة وطنية حقيقية في تصويب الأخطاء، ولن نتحدث عن رغبة أجنبية أو دولية، أو حتى عن رغبة «الأجانب» الذين يتواجدون على الأرض الأردنية، بل نتحدث عن بلدنا ومواطنينا، حيث هذا هو موعد كلمة الحق والعدل:
مطلوب تعديل بل تصويب على قانون الضريبة، فكثير من الأثرياء لا يدفعون شيئا، وهم أكثر من يستفيد من تردي أحوال الناس المادية، حيث يعمل أغلبهم في التجارة، ويتربصون بالمواطن كل قرار اقتصادي حكومي تقشفي او تصحيحي، فبعضهم تتضاعف أرصدته بثانية واحدة، وهي الثانية التي يوقع فيها مسؤول حكومي قرارا اقتصاديا قاسيا، كضريبة او رسوم او رفع دعم ..الخ.
يجب تعديل قانون الضريبة وإزالة التشوهات الضريبية، وهذا مطلب أردني عايشته شخصيا على امتداد حوالي 30 عاما، أي منذ عام 1989، والجميع يناضل من أجل إصلاح التشوهات الضريبية، لكنها في كل مرة تأتي منقوصة أو تتشوه أكثر نتيجة تدخل أصحاب المال، وهذه لحظة حقيقة يجب أن يحكمها قانون مناسب، يقتطع من أموالهم ضريبة، ويضمن عدم التفافهم عليها لاستيفائها من الفقراء مضاعفة، وذلك من خللال قيام الحكومة بتحديد أسعار السلع والخدمات، دون أدنى التفاتة الى اتفاقيات التجارة الدولية التي تكبل الحكومات عن مراقبة وتحديد أسعار السلع، لتتحول الأوطان الى غابات وأدغال يحكمها رأس المال المتوحش.
ومطلوب تعديل آخر مهم، وهو على السلع المدعومة من قبل الحكومة، أعني جميعها، يجب تعديل آلية الدعم لتصبح موجهة الى هذا المواطن الأردني البائس، لماذا نقوم بدعم الأجانب والانفاق عليهم بينما مواطنونا يعانون كل هذه الظروف القاسية، إن نبأ توجيه الدعم الى مستحقيه من المواطنين الأردنيين ليس نبأ جديدا وهو مطلب أردني إصلاحي قديم فهو بهذا المعنى ليس خطوة اقتصادية متذاكية، بل هو انصاف لهذا المواطن المحتاج الى الدعم، ويجب أن يصله دون أن يشاركه فيه «الغني» أو «الأجنبي»..ولنتحدث هنا بصراحة عن سلعة واحدة وهي الطحين المدعوم.
لا يستفيد من دعم الطحين فعليا سوى أصحاب المخابز، ولو قمنا بإحصائية لنسبة المواطنين الأردنيين الذين يشترون الخبز المصنوع من الطحين المدعوم، فسوف نجدها لا تتجاوز 5%، وهذه نسبة تقديرية استخلصتها من خلال سؤالي لبعض أصحاب المخابز او العاملين فيها «بوظيفة كاشير»، فهؤلاء يعرفون ماذا يشتري الناس من المخبز، وفي عمان قلما تجد من يشتري الخبز من النوع الذي يبلغ ثمن الكيلو غرام الواحد منه 16 قرشا، وهو الخبز المدعوم، فالناس إذا لا يتلقون دعمهم على الخبز، لأنهم ببساطة لا يشترونه، ويشترون الخبز الآخر «الكيلو ب 25 قرشا»، بينما يذهب الطحين المدعوم الى المنتجات الأخرى التي تباع للمواطن على أنها مصنوعة من الطحين غير المدعوم، وهذه حقيقة تعرفها وزارة الصناعة والتجارة وقسم الرقابة فيها، وثمة مخالفات عديدة بحوزتهم لمخابز تخالف القانون، وتستخدم الطحين المدعوم لغير الخبز «ابو 16 قرشا للكيلو».. بل تَصنع من هذا الطحين انواعا من الخبز والكعك بمزجه مع الطحين غير المدعوم، صححوا آلية الدعم إذا للتوجه الى المواطن مباشرة، وترك الخيارات له بأن يشتري فيه خبزا أو لا يفعل.
التعديل الأهم المطلوب من رئيس الحكومة، هو التعديل الذي كتبنا عنه يوما في هذه الزاوية، بمقالة عنوانها تعديل على الحكومة مطلب بحجم استحقاق .. تحدثنا وقتها فيه عن أهم استحقاق يدفع الحكومة للتعديل على طاقمها الوزاري، وهو ولادة كيانات قانونية جديدة في إدارة الشأن العام، وهي اللامركزية، بمجالسها المعروفة، لكن هذا الاستحقاق أصبح مدعوما بأسباب أخرى، تتعلق بالأداء النشاز الذي يعتري ما يقدمه بعض أعضاء الفريق الوزاري، ولن ندخل بالتفاصيل، فرئيس الوزراء يعرف وزراءه، ويدرك تماما ويلم بمستوى أدائهم ونشاطهم وإخفاق أو نجاح بعضهم، ولا بد أن لديه مجموعة من الأسماء التي يجب أن يقدم لهم الشكر على أدائهم ثم قبول استقالاتهم، وآخرون يعرفهم رئيس الوزراء ونعرفهم قدموا أداء متميزا وحققوا نجاحات قد نتحدث عن بعضها في مقالات قادمة ..ولا ننسى أن نقول إن لدى الرئيس أسماء بديلة، ومطلوب منه التروي بشأن بعضها، لأنها أسماء قد تؤذي الحكومة لو انضمت الى الفريق الوزاري «وسومها ع خشومها».
عدلها يا دولة الرئيس، إن في تعديلها عدالة وإصلاحا سياسيا وقانونيا وإصلاحا للشأن العام، وهي فرصة ذهبية لتقديم شيء ينفع الأردنيين، فافعلها ولا تلتفت لأنصاف المواقف والكلمات والآراء، فهذا حق للشعب الصابر، وللوطن القابض على الجمر وعلى ظلم القربى وذوي المصالح الدولية، الذين باتوا يعترضون على خطاب الدولة الأردنية المباشر، الذي لا يحفل بديبلوماسية الكذب والدسائس واقتناص الفرص على حساب الشعوب النظيفة، التي قدمت أوطانها وبيوتها ومستقبلها خدمة لدول شقيقة وصديقة والتزاما بالأعراف والقوانين الدولية لكن دونما أدنى تقدير من هؤلاء.