ضباع السوق


توصف الضباع بأنها من اشرس المفترسات تبدأ بنهش الفريسة قبل خنقها، ولا تفرق بين الفريسة الحية او الجيفة، ومعظم الحيونات المفترسة تبدأ بنهش الفريسة بعد خنقها وغالبيتها لا تتناول الجيف التي تختص بها الضباع ومن على شاكلتها مثل الكلاب البرية..هذه المقاربة تقفز الى الرأس ونحن نتابع بإستغراب واستنكار مسلسل سرقات الكهرباء والمياه والسطو في بعض الحالات على بنوك وصرافين ومكاتب البريد، فالاخيرة نجدها في معظم الدول الغربية اما سرقة الكهرباء والمياه فهي تنتشر في دول في افريقيا السوداء وبعض الدول الفقيرة، وفي الاردن زاد اعداد سرقات الكهرباء والمياه خلال السنوات القليلة الماضية لاسيما مع انفجار ما سمي زورا وبهتانا بـ الربيع العربي، واعتقد جازما ان ضعاف النفوس يعتبرون السرقة شكلا من المرجلة والفروسية، وروج البعض زورا.. ان سرقة الحكومة حلال علما بأن تكلفة هذه السرقات ترحل على المواطنين والاقتصاد.
هذه المقدمة ضرورية ونحن نتابع تفاصيل اكبر سرقة كهرباء في منطقة الحلابات التي اعتمدت على بنية شبه متكاملة للسطو على حقوق الدولة الاردنية بمكوناتها، فالمياه الشحيحة مسروقة لري زراعة مكثفة للمياه، وبناء خزان مائي مكشوف يتسع لمئات الالاف من الامتار المكعبة من المياه العذبة، واستهلاك الطاقة الكهربائية بمبالغ لم تقدر قيمتها بعد لكنها كبيرة جدا، والاغرب من ذلك مدى الاستهتار بالدولة وتجسد ذلك بمد كيبل ( ناقل ) كهربائي ضخم لمسافة تزيد عن ثلاثة كيلو مترات، وربطه على خطوط الضغط العالي، وتركيب محولات كبيرة الحجم ومضخات لسحب المياه وتجميعها ثم ضخها الى المزرعة التي تزيد مساحتها عن الف دونم الى جانب مصنع للاعلاف.
تعليق لأحد المدافعين عن حقوق السارق بأن الموضوع بسيط، ويمكن حله بيسر، هذه السرقة تعيد الى الاذهان سرقة قسم مؤثر من خط ناقل مياه الديسه، جهارا نهارا، وتمادى عدد من المتنفذين على المياه الجوفية والكهرباء بينما نجد قرى والوية في المحافظات تعاني الامرين في الحصول على المياه لاستخداماتهم المنزلية والزراعية، والاغرب من ذلك ان هؤلا السارقين يجدون من يدافع عنهم ويتوسط لمساعدتهم للافلات من العقوبة او الغرامة.
هذا النوع من السرقات الكبرى للكهرباء والمياه تختلف تماما عن سرقة محدودة لمشتركين في خدمات والمياه والكهرباء، فالاولى تعتبر جريمة اقتصادية تلحق اضرارا بالغة بالمالية العامة والمجتمع، بينما الاستجرار المحدود للكهرباء والاعتداء على المياه مدانة ولها مساقات في المعالجة والعقوبة..وشتان بين النوعين..