خرافة ذوبان الطبقة الوسطى

منذ ثلاثين عاماً على الأقل ، ونحن نسمع ونقرأ عن ذوبان الطبقة الوسطى. هذا الخط من التفكير يبدو جذاباً ، والهدف هو الإدعاء بأن المجتمع الأردني في حالة انحلال. لو كانت الطبقة الوسطى في حالة ذوبان منذ عشرات السنين لكانت قد انتهت وأصبح المجتمع الاردني مجموعة من الفقراء الذين لا يستطيعون ان يلبوا حاجاتهم الأساسية. يعتمد هؤلاء في تحديد الطبقة الوسطى على مستوى الدخل الذي يزيد عن 500 دينار في الشهر. ويتجاهل هؤلاء الدخول غير المنظورة عندما يتعلم الاولاد في مدارس الحكومة المجانية ، ويعالجون في مستشفيات الحكومة ومراكزها الصحية ، ويجدون في متناولهم خدمات عديدة يجب ان يقدر لها ثمن يضاف إلى دخولهم ، فالدخل لا يحسب بالدناينر فقط. في حمى التركيز على ذوبان الطبقة الوسطى كان لا بد من اختراع طبقات أخرى لم نسمع بها من قبل ، فما عهدناه هو أن المجتمعات تتكون من ثلاث طبقات هي الدنيا (الفقراء) والوسطى والأغنياء. أما طبقة الفقراء فهي معروفة ومحدودة في مسوحات موثقة بأقل من 15 %من السكان ، كما أن طبقة الأغنياء لا تزيد عن 10 %بحال من الأحوال ، وما تبقى هو الطبقة الوسطى التي تشكل ثلاثة أرباع المجتمع الأردني ، وتتكون من جميع المتعلمين ، والذين يحصلون على دخولهم بشكل رواتب عادية أو تقاعدية ، أو يعملون لحسابهم الخاص كالمهنيين من أطباء ومحامين ومهنيين وتجار ، وكل هؤلاء هم مادة الطبقة الوسطى فهل اختفوا؟. لأول مرة نسمع عن طبقات جديدة مثل طبقة محدودي الدخل ، وطبقة المهددين بالفقر ، وهذه ليست طبقات ، ولا تخدم سوى في تقليص نسبة الطبقة الوسطى في المجتمع من الناحية الشكلية. الطبقة الوسطى الأردنية في حالة اتساع نتيجة انتشار التعليم وهو أهم وسائل مكافحة الفقر ، كما يدل على ذلك مئات الآلاف من خريجي الجامعات ، الذين لا يمكن اعتبارهم فقراء حتى لو كانوا عاطلين مؤقتاً عن العمل. من يقرأ ما يقال في الموضوع يعتقد أن الغالبية الساحقة من الأردنيين تتشكل من فقراء أو معرضين للفقر وينسى هؤلاء وجود 2ر1 مليون سيارة خاصة و16 مليون هاتف موبايل ، فهل تعود كل هذه للطبقة الغنية التي لا تزيد عن ربع مليون أسرة.