الساكت: الهيكلة لصالح الخدمة المدنية وعدد المتضررين 2850 موظفاً فقط

أكد وزير تطوير القطاع العام مازن الساكت ان برنامج اعادة هيكلة القطاع العام والمؤسسات المستقلة والرواتب يعالج اختلالات وتشوهات كبيرة في مؤسسات الخدمة المدنية، مشيراً ان عدد الموظفين المتأثرين من هذا البرنامج يبلغ 2850 موظفاً فقط، في حين ان حوالي 6000 سوف ترتفع رواتبهم اثر تطبيق برنامج اعادة الهيكلة.
 
جاء ذلك في الحلقة النقاشية التي عقدها مركز بصر لدراسات المجتمع المدني بمقره، وكانت بعنوان "برامج إعادة هيكلة: الآثار والنتائج"، وذلك في إطار سلسلة "حوار الأربعاء" التي يعقدها المركز، وأدارت الجلسة الدكتورة مي الطاهر مديرة المركز.
 
وأوضح الساكت في الجلسة التي حضرها ممثلون عن المؤسسات المستقلة والنقابات ومجلس النواب واقتصاديون، أن البرنامج جاء ضمن توجه الدولة في "الإصلاح والتطوير" الذي أعلن منذ سنوات، والذي تشكلت على ضوئه وزارة تطوير القطاع العام لخدمة هذا التوجه. وبيّن الساكت أن إعادة هيكلة القطاع العام والمؤسسات والرواتب هو شعار دولي للنهج الاقتصادي لدول العالم الثالث، يتم من خلاله إعادة تعريف دور الدولة ونطاق تدخلها في أنشطة معينة، وملكيتها لوسائل الإنتاج، وإحلال القطاع الخاص محل القطاع العام، وانتهاج أشكال جديدة من العمل المؤسسي، بما في ذلك رسم السياسات والتنفيذ والرقابة والتنظيم.
 
وأضاف وزير تطوير القطاع العام "بدأ البرنامج في المملكة لإعادة تنظيم ما وصلنا إليه، وتقييم تجربة المؤسسات العامة، ومدى نجاحها في إشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني، ومدى التداخل في الصلاحيات، ووجدنا انه لم يتحقق شيئ من برنامج اعادة الهيكلة طيلة عشر سنوات. لذلك تم دراسة كل البرامج السابقة، حيث بدأت دراسة الهرمية والوزارات والمؤسسات، وتم اقتراح هيكلية جديدة تقسم الدولة الى مجموعات من القطاعات، وبدأنا بتحديد تعريفات المؤسسات الرسمية والأهلية والعامة".
 
وحول برنامج إعادة الهيكلة أوضح الوزير أن البرنامج أقر بعد عقد سبعة اجتماعات مطوّلة لمناقشته في مجلس الوزراء، وقد نشأ عن البرنامج إلغاء او دمج 15 مؤسسة ووزارة التنمية السياسية و12 مجلس ادارة وإنشاء ثلاثة مجالس عليا قطاعية لتنظيم القطاع الخاص. وبيّن الساكت ان المؤسسات منحت مدة تتراوح من ستة أشهر الى سنتين  لتطبيق برنامج اعادة الهيكلة.
 
وأكد الساكت ان البرنامج هو مطلب شعبي وسياسي واجتماعي فهناك مؤسسات لا بد من حماية دورها مثل مؤسسات الخدمة المدنية، موضحاً ان إعادة هيكلة الرواتب يعالج الاختلالات الموجودة في هذه المؤسسات المهمة التي أسست الكهرباء والماء والصحة والتعليم، مؤكداً ان هناك فئات تعمل في مؤسسات الخدمة المدنية دون أية علاوات، ولذلك جاء البرنامج لينصفهم رغم وجود العجز الحالي الكبير في الموازنة العامة. كما أشار الوزير الى أن برنامج الهيكلة سوف يضاعف الرواتب الأساسية لخدمة شريحة المتقاعدين المدنيين، والبالغ عددهم 38 ألف.
 
وبخصوص المؤسسات المستثناة من برنامج الهيكلة، أشار الساكت الى ان بعض المؤسسات قد تم استثناؤها، مثل مؤسسة الضمان الاجتماعي والبنك المركزي باعتباره له صفة السلطة النقدية، مؤكدا ان البرنامج لا يدّعي معالجة كافة التشوهات فهناك واقع مؤسسي وخلل اداري كبير بحاجة الى مراجعة كل مفاصل الدولة لمعالجته.
 
وحول المؤسسات المستقلة قال الساكت أن الدراسات أثبتت ان هناك عددا من المؤسسات التي لا داعي لها، وأن في بعضها فساد مؤسسي ملحوظ، وتعاني من غياب كامل للمعايير في وضع الرواتب، مؤكدا ان برنامج الهيكلة الإصلاحي سوف يعود بزيادات بنسبة 25% على رواتب بعض الموظفين، ومعطيا مثالا على ان 527 من اصل 547 موظفا في صندوق الإقراض الزراعي سوف تزداد رواتبهم، ومؤكدا ان الغاية هي تكييف حقيقي وعادل للرواتب، مع الوعد بمراجعة نظام الهيكلة مع كافة المؤسسات.
 
البقاعي: المؤسسات هيئات مستقلة إدارياً وقانونياً
وجرى نقاش موسع بين المشاركين حيث اكد النائب عبد الرحيم البقاعي، عضو اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب، انه ليس للدولة اي سلطة على المؤسسات المستقلة، التي لها قوانين خاصة تعمل بموجبها، ولها الحرية الكاملة في التعيينات وحتى في الإغلاق، فهي أشبه بالشركات. وبالتالي، أوضح البقاعي، فإن الموظف العامل في هذه المؤسسات قد اختار ان يعمل في مؤسسة خارج ديوان الخدمة، حيث يتقاضى راتبا مرتفعا وامتيازات، وهو في نفس الوقت محمي من قبل الحكومة، مؤكدا على ضرورة عرض الأوضاع الجديدة للرواتب والأجور على الموظفين. وتحدث البقاعي عن الأرقام الخيالية التي قد تكشفها اية دراسة اكتوارية عن التضخم الناتج عن الرواتب التقاعدية لـ 130 ألف موظف بعد 15 عام وأثرها على الموازنة.
 
الوزني: الهيكلة ينبغي أن تطبق على التعيين الجديد فقط
من جانبه، أكد الدكتور خالد الوزني، الرئيس التنفيذي لشركة دارات الأردنية القابضة، والمدير العام السابق لمؤسسة الضمان الاجتماعي، على أهمية تطبيق برنامج إعادة الهيكلة كونه مطلب وطني أردني يعكس تطبيق مبادئ وأسس هيكلة المؤسسات وهندسة الإجراءات ورفع الأداء ومعالجة التشوهات. إلا أنه انتقد بعض المؤسسات المستقلة الحديثة التي أنشئت لخدمة أشخاص معينين اكثر من كونها لتطوير القطاع العام. وأشار الوزني الى امكانية إحلال عدد من المؤسسات مكان بعض الوزارات، إلا ان الخلل الموجود يظهر في الإبقاء على بعض الوزارات الى جانب المؤسسات المستقلة والهيئات التنظيمية، مثل الاتصالات والطاقة وغيرها، مما يمثل تكرارا وازدواجية، وعبئا اضافيا على الموازنة العامة. وأكد الوزني على ضرورة ترشيق جسم الحكومة وتقليص عدد الوزارات أسوة بالدول المتقدمة، مما يرفع من كفاءة الأداء، مشددا على اهمية دور المؤسسات المستقلة غير الموازية لعمل الوزارات. وحول إعادة هيكلة الرواتب والأجور، أشار الوزني الى ضرورة الانتباه الى تطبيق البرنامج والمعايير الجديدة على كل تعيين جديد، بحيث ان الموظف الجديد لا ينطبق عليه الراتب الثالث عشر والرابع عشر والتأمين الصحي وغيره، بمعنى إيقاف الحقوق الإضافية للتعيينات المستقبلية فقط.
 
السليمات: محاسبة المصلحين ومكافأة الفاسدين!
وانتقد محمد السليمات، رئيس اللجنة التنسيقية للعاملين في المؤسسات المستقلة، برنامج اعادة هيكلة الرواتب الذي يخفض رواتب بعض الموظفين بمقادير تصل الى 150 دينارا شهريا، مثيرا مشكلة تدني الأوضاع المعيشية للعاملين الذين خططوا لمعيشتهم واحتياجاتهم على أساس دخولهم الشهرية فارتبطوا بأقساط وقروض ونفقات شهرية، والذين سيفقدون أجزاء من هذه الدخول بموجب نظام هيكلة الرواتب. وحول المؤسسات والوزارات التي تطبق عليها قرارات الهيكلة، تساءل السليمات لماذا تم استثناء وزارتي الخارجية والداخلية من هذه القرارات رغم ما فيهما من تجاوزات؟ كما تحدث عن شمول مؤسسة الموانئ ببرامج الهيكلة رغم اعتراضها على ذلك وحصولها على قرار محكمة. وأشار السليمات الى حقيقة وجود سوء ادارة وفساد في بعض المؤسسات، لكن الواقع الموجود يدلل أن رموز الفساد هم من المؤسسات غير المشمولة بالهيلكة، مؤكدا على ضرورة مراجعة كل مؤسسة على حده، ومشددا على انه لا يجوز محاسبة المصلحين ومكافأة الفاسدين.
 
الحدادين: أين استقلالية المؤسسات الرقابية؟
أما سامر الحدادين مدير مديرية الشؤون القانونية في صندوق التنمية والتشغيل، فأكد على ان التوجهات كانت كلها تصب على ضرورة تعزيز عمل الجهات الرقابية، والتي عددها ثمانية في الأردن، وضرورة منحها الاستقلالية لرفع كفاءتها، مشيرا ان برامج اعادة الهيكلة انما تفقد الاستقلالية لهذه المؤسسات وتؤدي الى إضعاف أدائها وكفاءتها. وأثار الحدادين مشكلة الأعداد الكبيرة من الموظفين الذين سيفقدون الحقوق والامتيازات والعلاوات ورواتب الأشهر الإضافية.
 
البواب: التأمين الصحي الحكومي لا يوازي الخاص
وأشارت إيمان البواب، مساعد مدير عام بنك تنمية المدن والقرى، الى تأثر الرواتب التقاعدية لموظفي المؤسسات المشمولة بإعادة الهيكلة، الى جانب فقدان رواتب الأشهر الإضافية، مثيرة قضية مهمة وهي إلغاء التأمين الصحي، والذي سيعود بالأضرار الكبيرة على شريحة واسعة من الموظفين وعائلاتهم، والتفاوت الشاسع ما بين خدمات التأمين الصحي الحكومي والتأمين الصحي الخاص.
 
سحيمات: القطاع الصيدلاني حقه مغبون
من جانبها، اتفقت ريم سحيمات، رئيسة لجنة صيادلة القطاع العام في نقابة الصيادلة، على أهمية برامج إعادة الهيكلة وطروحاتها، لكنها كشفت عن عدم حصول قطاعات واسعة من الصيادلة على حقوقهم، وعدم شمول القطاع الصيدلاني ضمن القطاع الصحي مع أطباء الأسنان وغيرهم من موظفي القطاع الطبي. وتساءلت سحيمات عن أسباب عدم انسحاب تعديلات علاوة العمل الإضافي كنسبة من الراتب الإجمالي للأطباء، على قطاعات الصيادلة أيضا.
 
عكروش: أين التشاور مع الرأي العام؟
أما حازم عكروش من وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، فلفت الانتباه الى ان مشروع الهيكلة كان من الضروري مناقشته مع الرأي العام قبل إقراره، مؤكدا ان الرواتب والتأمين الصحي قد اصبحت حقا مكتسبا للموظف. وحول الامتيازات الكبيرة للمسؤولين والوزراء، مثل النتقلات والمياومات والرواتب والعلاوات، أكد ان هذه البنود هي التي ترهق الموازنة العامة.