الجفر
الجفر, علم باطني يدور حول اشكال من الاستبصارات الملحمية وكذلك علم الحروف الذي يحتوي على الطرائق الحروفية المبينة على حروف الهجاء, وعلى اسماء الله الحسنى, وآيات القرآن والعيافة وخلافة وزجر الطير.
وهو علم شيعي يعود الى الكتاب المنسوب للامام علي (الجفر الجامع والنور اللامع) وكذلك الى الامام جعفر الصادق والبسطامي وخاصة كتابه (شمس الآفاق في علم الحروف والآفاق).
ومما يذكره الباحث توفيق فهد في كتابه (الكهانة عند العرب) ان البسطامي تناول في (شمس الآفاق) التحليل المفصل لخواص الحروف الهجائية, واحدا بعد الآخر, موزعة على العناصر الاربعة, الى حروف هوائية, وحروف نارية, وحروف ترابية, وحروف مائية, وبالنظر الى طبيعتها الاساس والنجمية وقيمتها الرقمية, حيث ان المزاوجة بين حرفين اثنين تشكل الاوفاق, فان هذه الحروف تتيح بلوغ معارف باطنية يصعب ادراكها عبر اي سبيل آخر.
فهي تقوم, على وجه التقريب, مقام الوحي, مفجرة امام عيني الصوفي المدهوشتين, انوار الكشف الشافيه (انكشاف الحقائق الالهية) وادراك الغيب (ادراك الحوادث الخفية) في الماضي, والحاضر, والمستقبل.
اذا كانت اعمال البسطامي منتمية الى الجفر النبوئي والقيامي لعلي بن طلحة, فان مذهب حروفه واوفاقه تدين بأسسها الى معاصر لهذا الاخير الا وهو الاختصاصي العظيم بالعلوم الخفية محيي الدين ابو العباس البوني (توفي عام 1225م/622 ه¯) الذي تغطي اعماله علم الجفر والحروف الاسلامية كافة.
اضافة الى هذه المصادر يعزى للجفر حسب توفيق فهد مصدران آخران جديران بالاهتمام, الاول هو افلاطون الذي ينسب اليه كتاب (خافية حول الجفر والحروف والطلاسم) حيث يبدأ بكلمة افلاطون: وجدت في بعض الخزائن الواحا حجرية نفيسة عليها كتابة غريبة لم اعثر عليها في كتابات الاقلام. ولا شك في انها تشتمل على علم ثمين.
ولهذا فان الكتاب يحمل عنوان, (كتاب الواح الجواهر).
اما المصدر الثاني, فهو الهند, ومنها سيترجم عطارد بن محمد الحاسب (القرن الثالث الهجري) مؤلف (الجواهر والاحجار) ومن الممكن ان يكون قد ترجم (كتاب الجفر الهندي).
ومن الهند ايضا, بحسب الجاحظ تعلم اكاسرة الفرس هذا العلم.
ويكمن الفرق بين الجفر ذي الالهام الاسلامي تحديدا, لعلي بن ابي طالب, وجفر جعفر الصادق الذي يفترض ان يكون مستمدا من كتابات اجنبية في ان الاول اقتصر على التنبؤات حول مصير الامم والعائلات المالكة والديانات والافراد, في حين ان الثاني صب في قناة السحر الابيض والطلاسم.
ومع ان هذا التقسيم مصطنع, بسبب عدم اصالة الكتابات المنسوبة الى هذين الامامين, فانه يمثل مع ذلك, الخطين الرئيسيين اللذين سلكهما هذا العلم, منذ بداياته وحتى بلوغه ذروة تطوره.